أسدوا الفضل لأهله.. يا «داخلية»

هناك علاقة قوية بين ما بيد الشباب والمراهقين من مال وفير، وانتشار المخدرات. فالمجتمعات الثرية هي هدف المروجين الأكبر، وكل أموال حكومية غير مبررة بحكمة تدخل حسابات وجيوب المواطنين ستسهم بطريقة أو بأخرى في انتشار أكبر لهذه السموم!
 ***
واضح من التزايد الرهيب والمخيف لقضايا تهريب المخدرات، التي تم كشفها مؤخراً، أن الأمر ربما خرج، إلى حد ما، عن السيطرة، خصوصاً أن ما يتم القبض عليه، كما هو معروف، يشكل جزءاً صغيراً مما يمر من دون ضبط!

الشكر كل الشكر للجهود الجبارة، التي يبذلها رجال ونساء الداخلية في الحد من انتشار هذه الآفة القاتلة، وربما يُسيء بعضهم أحياناً، وغالباً من غير قصد، ما يرد في بعض بيانات الوزارة من أن إحباط عملية تهريب ما تمت بتعليمات من معالي الوزير، وكأن البيان يقول بأن من غير تعليماته ما كان هؤلاء الأبطال المجهولون سيقومون بفعل شيء، وهذا يبخسهم حقهم. ونتمنى بالتالي على معاليه، الذي تحقق الكثير حتى الآن على يديه، السعي إلى تعديل هذه الكليشيهات القديمة، التي قد يساء فهمها أحياناً!
***
كما أتمنى على وزارة الداخلية اتباع سياسة التحفّظ، وعدم الإعلان عن الترويج بتوسع عن تحركات وخطط الوزارة الجديدة أو المتكاملة في مكافحة المخدرات، فهذا سيدفع هؤلاء المهربين، الأكثر ذكاء وقدرة، على التحوّط لها، وتجنبها، وربما اختراق الأجهزة الأمنية لمعرفة ماهيتها.

فما جدوى الإعلان مثلاً عن أن أغلبية شحنات المخدرات تأتي عن طريق اليخوت وقوارب الصيد؟ أليس من الأفضل تشديد الرقابة عليها، ليستمر التهريب عن طريقها، بدلاً من الإعلان عن كشف هذه الطريقة، فيهجرها المهربون ويلجأون إلى وسائل تهريب أخرى مختلفة، كالغواصات الصغيرة، وطائرات الدرونز وغيرهما.

كما يتطلب الأمر من الوزارة ضرورة إعلام كل ركاب وسائل النقل الجوية والبرية والبحرية القادمة للكويت، ومن دول محددة، بالمصير القاتل لمن تضبط بحوزته أية كمية من المخدرات، سواء كانت لاستعماله الشخصي، أو للمتاجرة بها، فقد تبيّن من أقوال بعض من تم القبض عليهم جهلهم بقوانيننا الصارمة في هذا المجال، واعتقد بعضهم أن الأمر لن يتعدى حكماً بالسجن لبضع سنوات، مقابل الثراء الكبير الذي ينتظرهم بعدها، سواء قبض عليهم، أو نجحوا في خطتهم!
***
إن الحكومة والمشرعين الذين يسعون جاهدين إلى وضع المزيد من الأموال النقدية، غير الضرورية، بيد الشبيبة الطيبة، إما بشكل منح أو زيادات رواتب، أو إسقاط قروض، التفكير جدياً في تبعات الأمر ومضاره الاجتماعية الخطيرة. فالأفضل الصرف على رفع مستوى معيشة المواطن، بتحسين كل الخدمات. فلا شك أن الإنسان العاقل، المؤمن بديمومة الدولة، يرغب في رؤية وطن أجمل وأقل فساداً، وأفضل معيشة، بدلاً من تلقي علاوات وزيادات. فمهما كان كرم هذه الزيادات النقدية، فإنها ستضيع إن استمر الوضع المعيشي والإداري والبيئي الحالي السيئ على ما هو عليه.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top