دينار فخري وحمزة

تقول الكاتبة العراقية «إنعام كجه جي» ان العراق استخدم الليرةَ العثمانية طوال أربعة قرون، ثم جاءَ الاحتلال البريطاني واستبدلَ بها الروبية الهندية، التي تحمل صورة الملك جورج الخامس. وفي الثلاثينيات، بعد انتهاء الانتداب البريطاني، صدر الدينار العراقي ليأخذ مكانَ الروبيّة، وكانت المعادلة 13 روبيّة ونصفاً لكل دينار عراقي جديد، وتم ربطه بالجنيه الإسترليني، بحيث لم يكن بالإمكان تحويل أي دينار لغير منطقة الإسترليني، وتم وضع صورة الملك فيصل الأول على الدينار، ومن بعده صورةَ ابنِه غازي، ثم فيصل الثانيً. ثم ربط الدينار، أواخر الخمسينيات، بالدولار الأميركي.

كان الدينار العراقي القوي في السبعينيات يساوي أكثرَ من 3 دولارات. وكان يُطبع في سويسرا ويدخل محافظ الموظفين مُهفهفاً أنيقاً ذا رائحة. فلما حلّت لعنة الحروب والعقوبات الدولية صار يُطبع في الداخل. وسعرُه صاعدٌ نازلٌ والكل يتكلَّم بالدولار، وتقهقر الدينار وكاد ينقرض.
***
تاريخ العملة في الكويت لم يختلف كثيرا عن تاريخها في العراق، حيث كانت الروبية الهندية، أو روبية جورج الخامس، هي السائدة، عندما كانت أمور الكويت تدار من الهند، المستعمرة البريطانية.

كان محل جدي للصرافة يتعامل بعملات محدودة، منها الريال السعودي والروبية والليرة التركية والجنيه الإنكليزي، وليرات ذهبية رشادية، تيمنا باسم السلطان العثماني محمد رشاد، وليرات ماريا تريزا الذهبية، النمساوية.

مع الاستقلال عن بريطانيا عام 1961، ألغت الكويت استعمال الروبية الهندية، التي بقيت مستخدمة في الكويت، حتى بعد استقلال الهند عن بريطانيا عام 1947، ولكن الكويت بقيت ضمن منطقة الإسترليني، بدينارها الجديد، حيث كان مطلوبا ممن يود تحويل أي مبلغ خارج تلك المنطقة، المكونة أساسا من مستعمرات بريطانيا السابقة، الحصول على إذن من وزارة المالية، وهذا ما كان يقوم به العاملون، المصريون مثلا، حيث ان مصر كانت خارج منطقة الاسترليني. وألغي هذا الربط مع انهيار سعر الإسترليني، وأصبح الدينار يسعر بموجب سلة عملات رئيسية، وأهمها الدولار!
***
جعلت الكويت عام 1960 سعر تعادل دينارها، الذي كان يحمل صورة الشيخ عبد الله السالم، على أساس 13 روبية لكل دينار.

كنت دائم التساؤل عن السر وراء هذا الرقم، ولماذا لم تتبع الدولة النظام العشري، كما فعلت تاليا دول الخليج الأخرى، خاصة أن تسعير الدينار بـ13 روبية، وليس روبية واحدة أو عشرا أو مئة، تسبب في تضخم غير مبرر لأسعار كثير من السلع، فالصحف مثلا كانت تباع، قبل الاستقلال، بروبية واحدة، وأصبحت 75 فلساً بعدها، بالعملة الجديدة، ولكن تسهيلا للأمر تم «تعديل» سعر الصحف ليصبح 100 فلس، وجرى الأمر ذاته مع سلع ومواد أخرى!

من مقال «أنعام كجه جيء» عرفت أن العراق سبقنا لذلك الرقم، وحيث إن مهندس العملة الكويتية الجديدة حينها، المرحوم «فخري شهاب»، كان من أصل عراقي، فربما تأثر بالتجربة العراقية وطبقها في الكويت، ولم يخالفه في ذلك زميله، الأستاذ حمزة عباس، أول رئيس لمجلس النقد (1960)، الذي أصبح تاليا أول محافظ للبنك المركزي!

وليس لدي تفسير آخر للأمر.
***
نبارك للجميع، مسيحيين وغيرهم، متفائلين ومتشددين، بعيد السنة الميلادية العالمية التي نعمل جميعا بموجبها.

متمنين للكل سنة أفضل من سابقتها وأكثر انفتاحا ومحبة.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top