قوانين «أطياب» والبهائية

كتبت الأستاذة والمحامية القديرة «أطياب الشطي»، قبل أيام مقالا مميزا بالإنكليزية في kuwait times، ولأهميته، قمت بترجمته والتعليق عليه، ونصه:

يلاحظ، من الناحية الفقهية، وجود تناقض خطير بين التشريعات المتعلقة بتنظيم حرية المعتقد، ولا يبدو لمن يدرس قوانين الدولة أن هناك موقفًا واضحًا فيها يحدد أبعاد وضوابط ممارسة الفرد لحريته في العقيدة. على العكس من ذلك نجد أن حرية المعتقد تنجح في الوصول إلى مساحة التعبير مرة واحدة، لكنها تخضع للمساءلة القانونية والتهم الجنائية عدة مرات.

ونظراً لوجود هذا الفراغ القانوني أو النقص التشريعي، فإن القانون يقفز إلى معاقبة من يمارس هذا الحق. ولعدم وجود مذكرات وقرارات وتعريفات تفسيرية واضحة تعترف بمعتقدات معينة، أو تعالج طبيعة حرية العقيدة، أو حتى تضع تعريفا واضحا لممارسات الطوائف والأديان المختلفة، فإن تدخل قانون العقوبات يأتي دون مرجعية تحكم هذه العملية وبدون أساس دستوري.

أرى أن هذا التدخل في غير محله ويتعارض مع أحكام المادة 35 من دستور الكويت التي تمنح حرية العقيدة للجميع، ولا ينظم القانون مسألة حتمية ومصيرية مثل الإيمان، أو تحديد ما يمكن ممارسته وما الذي لا يمكن ممارسته. فلو كانت هناك أحكام قانونية تنظم هذا الحق لما اتخذ قانون العقوبات مثل هذا الموقف العرضي.

وبالعودة لدستور الدولة، الذي هو مصدر جميع الحقوق والحريات، نجد أن الفراغ القانوني يتجلى في عدم وجود قوانين وقرارات تنفيذية تمنح جميع الأديان الحق في إقامة دور العبادة، والحق أمام القضاء في قضايا الأحوال الشخصية والميراث، أو الحق في وجود إدارة متخصصة أمام وزارة العدل تختص بالنظر في الوثائق الدينية وتطبيق المبدأ الدستوري، لمساعدة الناس في الوصول لحقوقهم.

علاوة على ذلك، فإن الدولة بذلت جهودًا كبيرة في إنشاء محاكم الأسرة، إلا أن الدوائر العاملة فيها لا تتعامل مع جميع الأديان أو المذاهب. لذلك لا غرابة في أن بقية التشريعات في الهرم التشريعي تتبع نمطًا متناقضًا، لأن الجمع بين المبادئ العلمانية والدينية يترك تطبيق هذا المفهوم في غموض كبير ويؤدي إلى تناقضات.

ويتطلب الأمر بالتالي أن تكون القوانين شفافة وعادلة، إما عن طريق اختيار المفاهيم المدنية أو الدينية الواضحة، بحيث يمكن للأفراد ممارسة حرية المعتقد دون الخوف من ملاحقتهم بتهم جنائية.

انتهى.
***
قراءة النص أعلاه ذكرتني بمحاولاتي المتكررة، مع أكثر من وزير عدل، وكان أكثرهم تعاونا الأخ الفاضل عبدالله الرومي. ولكن بسبب قصور في التشريعات وعدم وضوحها فإن جهات في العدل تتصرف حسب أهوائها، فما كان ممكنا في وقت وكيل أو مدير، يصبح صعبا جدا، مع تغير الوكيل او المدير.

فقضايا تركات الأجانب، من غير المسلمين والمسيحيين واليهود، تتطلب العودة لسفارة دولة المتوفى، للاستئناس برأيها فيما يتعلق بكيفية التصرف في تركة البوذي أو الهندوسي، مثلا.

لكن هناك أتباع ديانات، كالبهائية، لا تعترف بعض دول المؤمنين بها، بتلك الديانة، وبالتالي ترفض سفاراتها قبول النظر في قضايا تركاتهم، فيضطر هؤلاء لرفع دعاوى لدى المحاكم الكويتية، والانتظار لسنوات طويلة قبل أن يصدر حكم نهائي بالتصرف في التركة، ويحدث غالبا ضياع حقوق الورثة وتعرضها لخسائر كبيرة، بسبب غل يدهم عن التصرف بالتركة، كتحصيل ديون المتوفى أو سدادها، وغير ذلك، وهذه المشكلة تواجه حتى المواطن البهائي، فمتى نصير أوادم، ونفكر بالحقوق المهدورة لهؤلاء؟

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top