قصتي والقسائم ووزير المالية

قامت الدولة طوال السنوات السبعين الماضية، تقريباً، بتوزيع أراضٍ سكنية وصناعية وزراعية ومخازن على الأفراد والشركات، شاب غالبية توزيعاتها الكثير من اللغط، والشك في النوايا. مقابل ذلك لم يحصل الكثير من مستحقي هذه العقارات على شيء منها. كما استغل البعض الوضع الخرب، وحصل على أكثر مما يستحق بكثير، من خلال قيامه بتأجير ما حصل عليه من الدولة من مخازن لاستعماله الخاص، حيث حولها لورش ومحالّ ومعارض، وأجرها للغير، محققاً لنفسه فوائد كبيرة جداً نتيجة الفرق بين ما يدفعه للدولة من فتات الإيجار، وما يحصل عليه من المؤجرين!
 
سبق أن بينت في أكثر من مقال، أن توزيع قسائم التخزين أو التصنيع يختلف تماما عن توزيعات الأراضي السكنية أو الزراعية! وإساءة البعض لأي من هذه التوزيعات، واستعمالها لغير الغرض الذي خصصت له أو خطط له، مخالفة يشترك فيها صاحب حق الانتفاع، والجهة الحكومية المعنية.

وعلى الرغم من حاجتي الكبيرة لمساحات تخزين فإنني وغيري الكثير لم نحصل على شيء منها من الدولة خلال السنوات الثلاث والثلاثين الماضية، واضطررت شخصياً لدفع الملايين للحصول على حاجتي من المساحة التخزينية من الذين حصلوا عليها «مجاناً» من الدولة على الرغم من «عدم استحقاقهم» لها، وبالتالي يمكن الافتراض أن نسبة ممن أعطيت لهم مخازن أو أراضي تخزين، حصلوا عليها بسبب نفوذهم أو ما دفعوه للحصول عليها، وليس لأنهم من المستحقين الحقيقيين لهذه الخدمات!

ومن تجربتي أستطيع الحكم أن نسبة عالية من المستفيدين من قسائم التخزين في الشويخ والري وصبحان، وغيرها، قاموا باستغلالها بطريقة غير صحيحة! وبالتالي لا اعتراض لدي على تشكيل لجنة برلمانية، أو حكومية، أو أية جهة أخرى، للتحقيق في ملكيات القسائم، بل أدعم الفكرة، لكن الأمر ليس بتلك السهولة وسيستغرق الكثير من وقت المجلس، وغالباً لن تصل اللجنة لقرار حاسم أو سريع!

كما يقع على عاتق أي لجان تشكل، إن شُكّلت، أن تأخذ في اعتبارها أن أي تغيير في الوضع الراهن سينتج عنه خروج البعض ودخول غيرهم، وغالبا سينتج عن ذلك زيادة في تكلفة أسعار المواد، وزيادة تكلفة المعيشة، بالتبعية. فإيجارات المخازن، سواء التابعة للدولة أو لغيرها، والشحيحة أصلا، تلعب دورا أساسيا في تكلفة الكثير من المواد، ومنها الأغذية ومواد البناء والمفروشات، وإخراج هؤلاء من مخازنهم الحالية المؤجرة من الباطن، بحجة أنهم مخالفون، سيدفعهم إما لارتكاب مخالفات جديدة، وإما لشراء مخازن من الغير، وتحميل المستهلك الفرق في الإيجار!
***
جاء قرار وزير المالية الأخير المتعلق بزيادة الرسوم الحكومية على القسائم والشاليهات والمزارع معيباً، ويشكو من مثالب كبيرة، ودليلاً واضحاً على تخبُّط الجهة التي أصدرت القرار، ويجب بالتالي سحبه، وإعادة دراسته على ضوء الواقع، وليس المزاج الشخصي. فليس من المعقول مثلاً فرض رسم حكومي على كل متر طولي يبلغ عشرة آلاف دينار عند بيع شاليه، سواء كانت قيمة بيع الشاليه مليوني دينار، أو 100 ألف دينار، فهذا إخلال بالعدالة الاجتماعية، ويتضمن محاباة شديدة لأصحاب الشاليهات الكبيرة على حساب تلك الصغيرة!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top