شمعة حياتي

كان لدي اعتقاد، حتى ساعة كتابة هذا المقال، بأن المصدر الرئيسي للشموع، تاريخيا على الأقل، هو خلايا النحل.

 عرف الإنسان استخدام الشموع كمصدر للضوء والاحتفالات الدينية منذ آلاف السنين، ومع ذلك لا يُعرف سوى القليل عن مصدرها الأول، وربما كان قدماء المصريين أول من استخدمها في الطقوس والإضاءة، وذلك عن طريق حرق نقيع نباتات القصب أو من دهون الحيوانات المذابة. كما عرفت الصين الشموع منذ ما قبل الميلاد، واستخرجتها من شحوم الحيتان.

تستخدم غالبية شعوب العالم الشموع أساسًا لقيمتها الجمالية ورائحتها، لا سيما لتهيئة أجواء ناعمة أو دافئة أو رومانسية للمكان. كما تضيئها شعوب أقل حظا للطوارئ، خلال ساعات انقطاع التيار. كما تستخدم الشموع بكثرة للأغراض الدينية، وأعياد الميلاد. ويُعتقد أن السبب وراء عادة إطفاء الشموع خلال حفلات الميلاد يعود لاعتقاد قديم بأن الدخان المتصاعد منها عند إطفائها، يحمل رسالة «التمنيات» للسماء، ومع الوقت تطورت هذه العادة، تجاريا، وأصبحت الغالبية تضع عددا من أصابع الشمع على كيكة العيد بعدد سنوات عمر المحتفى به!
***
تصنع الشموع اليوم من زيت البارافين، وهو منتج ثانوي من عمليات تكرير البترول. كما تصنع من الجريزوفولفين، أو شمع العسل، أو من الجل، وهو خليط من البوليمر والزيوت المعدنية. كما تصنع بعض الشموع من نباتات متعددة، منها القرفة، أو من فول الصويا.
***
يشعر البعض بالراحة بمجرد النظر لشمعة وهي تحترق. وربما لما لهذا المنظر من خصائص مهدئة. فضوؤها الوامض يجعل الإنسان يشعر بالهدوء، ويكون الجو خلالها أكثر رومانسية، لأن شعلتها بحاجة للسكون لتستمر مشتعلة. كما تسهم الرائحة الخاصة المنبعثة من احتراق الشمع في الاسترخاء.
***
ما لا يعرفه الكثيرون، وهذا موضوع مقالنا، أن للشمع مضار عدة، خاصة تلك المصنعة من مواد رديئة، والتي لا يوجد غالبا غيرها في السوق، وبالذات الملونة منها، التي تغش المتسوق بعلبها الجميلة وألوانها الزاهية.

كما تتسبب الشموع المشتعلة في تلوث هواء الغرفة بدخانها الأسود، خاصة على الجهاز التنفسي للمرضى والأطفال الصغار. كما لها مضار على الحوامل، لوجود مادة الرصاص في غالبيتها، وحتى عندما لا تكون مشتعلة فإن موادها الخطرة تتبخر مع الوقت. كما أن ما يخلط بها من أصباغ وعطور له سمية تسبب الحساسية للبعض، واضطرابات الغدد الصماء.

الشموع ليست أدوية ولا طعاما، وبالتالي لا تخضع لأية رقابة، وحتى تلك التي يكتب عليها أن محتوياتها من فول الصويا أو جوز الهند، توجد بها غالبا نسبة عالية من منتجات البترول!

باختصار، إن كان لا بد من إشعالها، فيجب ألا تترك لوقت طويل، ويفضل تهوية الغرفة خلالها، وعدم شراء الشموع التي تحتوي على ألوان زاهية، خاصة التي لها سطح عريض، كي لا يعبث بها الأطفال أو يستنشقون أدخنتها!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top