التطرف الديني والجنس الحرام

تطوعت قريبة للعمل مع لجنة في جمعية نسائية للرد على المكالمات غير المعروفة المصدر، التي ترد للجمعية من الزوجات أو الفتيات المعنفات، أو ممن تم الاعتداء عليهن أو تعنيفهن.
***
كقاعدة، أثبتت الأحداث والتجارب صحتها، ولكل قاعدة استثناء، ان أي مجتمع متشدد عقائدياً، بصرف النظر عن الدولة أو مستواها الثقافي أو المادي، ينتشر فيه غالباً الجنس المحرم.

يتسم مجتمع يهود الحريديم، الذين يطلق عليهم «طالبان اليهود»، أو الأرثوذكس المتشددون دينياً، داخل إسرائيل وخارجها، بكونه مجتمعاً غامضاً، وسرياً في طقوسه وفي فكر قادته ورجال الدين فيه. وتعد طائفة «ليف طاهور» lev tahor أو «القلب الطاهر»، إحدى أكثر هذه الطوائف إيغالاً في التطرف، وسبق أن تعرّض قادتها للاعتقال، وكان آخر ذلك في بلدة مكسيكية، بتهم ارتكاب جرائم جنسية «فادحة»، وبينهم إسرائيليون من كندا وأميركا، ويواجهون عقوبات سجن مشددة!

«ليف طاهور» ليست الطائفة الوحيدة، وجريمتها الجنسية ليست الأولى ضمن مجتمع الطوائف المتشدد، الذي ترتدي فيه النساء عباءات سوداء تغطي أجسادهن بالكامل، عدا الوجه، وتجبر حتى الفتيات الصغيرات على ارتداء الحجاب.

كما قضت محكمة إسرائيلية قبل أيام بالسجن ثلاثين عاماً على زعيم طائفة تؤمن بتعدد الزوجات، وأدانته بتهم جنسية متعلقة بزوجاته وبناته، إضافة إلى تهمة ادعاء الألوهية.

كما أسمع وأقرأ، منذ نصف قرن، عن الجرائم الجنسية التي تقترف ضد الأطفال والقصّر، في بعض الكنائس المسيحية، وغالبها في الكاثوليكية منها، وتم توثيق غالبية تلك الجرائم من خلال دعاوى قضائية، وملاحقات جنائية في عدة دول أوروبية وأميركية، شمالية وجنوبية، وضمن نظام الرهبنة، وتم الكشف بعد قرون من التعتيم والصمت عليها، ولبابا الفاتيكان الحالي فضل كبير في رفع غطاء الحماية عن مثل هذه الجرائم. وقد دفعت مختلف الكنائس مئات ملايين الدولارات في صورة تعويضات مالية للضحايا، بعد سنوات من المعاناة لمئات الآلاف منهم.

وفي الكويت، قامت السلطات أخيراً بتوجيه الاتهام لمدرس دين من جنسية عربية بتهمة الاعتداء جنسياً على عدد من طلبة المدارس، وجرى توثيق بعض انتهاكاته من خلال كاميرات المراقبة. وهذه ليست الجريمة الأولى من نوعها، فقد سبقها الكثير، ولن تكون بالطبع آخرها!

إن التشدد الذي يطالب به البعض لا يمكن أن يخلق مجتمعاً سوياً ومنسجماً مع نفسه، ولا يعني ذلك أن المجتمعات المنفتحة تخلو من هذه الجرائم، ولكن إمكانية أو احتمالية كشفها أو التحدث عنها في هذه المجتمعات، وتقديم مرتكبيها للقضاء أسهل من غيرها نسبياً، بسبب عدم تمتع رجال الدين فيها لأية قدسية، أو مكانة عالية، ولا حتى غطاء اجتماعي. أما في المتشدد من المجتمعات فتتم غالباً التغطية على الاعتداءات الجنسية أو الجرائم المالية، التي يكون أحد أطرافها مؤسسة أو رجل دين، درءاً للفضيحة، وخوفاً من الهالة التي يضفيها البعض على المؤسسات الدينية والعاملين فيها، كأنهم ملائكة وما هم إلا بشر مثلنا. وخير مثال على ذلك تقارير ديوان المحاسبة، التي طفحت بمخالفات هيئات ووزارات دينية، ولا أحد يود البحث فيها. كما أن الجهات نفسها مطلوب منها الرقابة على جمعية خيرية عالمية، وعليك تخيّل الوضع في الجهتين.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top