قريباً.. سنعض الأصابع ندماً!

تستمر فرق التفتيش في دهم البنايات ورصد مخالفات التخزين في سراديبها، التي تحوّل بعضها إلى سوبر ماركت ومطاعم وسكن، في مخالفة صارخة لكل الأنظمة، وسيعاقب المخالفون غالباً بإنذار وإغلاق المحل، مع توقيع تعهد بعدم التكرار، ليعود هذا «المواطن الصالح» إلى سابق عهده متى ما ارتخت يد الرقابة الحكومية، وهي غالباً سترتخي يوماً!
من جانب آخر، تزداد آلام عدد من التجار بسبب النقص الكبير في المساحات التخزينية، وارتفاع إيجارات القليل المتوفر منها، بعد أن أجبرتهم المخالفات على إزالة بضائعهم من تلك السراديب، ولا يعلمون الآن إلى أين سيتجهون، في ضوء النقص الرهيب في المخازن، وما هو متوافر بالكاد يكفي لاستيعاب %5 أو %10 من البضائع المخزنة حالياً بطريقة غير قانونية في سراديب العمارات.
***
استشعاراً من مجلس الوزراء بخطورة المشكلة، قام الأمين العام للمجلس، قبل عام تقريباً، بمخاطبة رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي بشأن توفير مناطق لإقامة مخازن ومستودعات لأغراض التخزين الغذائي والطبي وغيرها. ولكن من الواضح أن الجهاز واجه صعوبات بيروقراطية عديدة، بحيث عجز عن فعل شيء.

كما تبيّن من كتاب مجلس الوزراء أن لدى مختلف الجهات الحكومية مخازن بعشرات ملايين الأمتار، أغلبيتها خالية وغير مستغلة، وسبق أن خصصتها لها الدولة لغرض أو لآخر، ووجودها بحالتها يبيّن أن ليست لدينا أزمة تخزين، بل أزمة إدارة!

اقترح مجلس الوزراء، في كتابه لـ«جهاز متابعة الأداء الحكومي»، ضرورة توفير مخازن عمومية، وأن يتم تشغيلها بأحدث الطرق، وتكون متاحة للقطاعين العام والخاص، من خلال أحد المقترحات التالية:

1 - تتولى الدولة طرح المشروع وتنفيذه وتشغيله، وهذا سيأخذ سنوات، وسيكون في النهاية خاسراً!

2 - طرح المشروع عن طريق هيئة الشراكة بين القطاعين، وهذا يعني أن جهات منفذة ستكون لها حصة الأسد في المشروع الذي سيكون مربحاً جداً.

3 - طرح المشروع عن طريق المزايدة، وقد يكون هذا أحد الحلول المقبولة، وأيضاً سيأخذ الكثير من الوقت.

4 - تأسيس شركة مساهمة تتولى إنشاء وإدارة وتشغيل المناطق التخزينية، وهو الحل الأفضل والأكثر فائدة، شريطة منع مساهميها من التصرف بأسهمهم قبل مرور خمس سنوات على اكتتابهم بها، وأن تعمل الشركة تحت الرقابة الصارمة من الجهات المعنية كي لا تتعسف في إيجاراتها، كما هو جار الآن مع بعض الشركات.
***
الحلول والمقترحات كثيرة، وأصحاب المصلحة في بقاء الوضع على ما هو عليه متنفذون، وإلى أن تشرق شمس حل المشكلة سيأكل الكثير من تجار المواد الغذائية والطبية وغيرهم الحصرم، ولست أحدهم، فمصلحتي تكمن في بقاء الوضع على حاله، كوني «مؤجراً»، لكن من الغباء المطالبة بترك الوضع على ما هو عليه فقط لأنني مستفيد، فالمصلحة العامة تتطلب عكس ذلك، فعلى المدى الطويل سيتضرر الجميع من نقص المخازن.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top