الحراسة السنّية على الحسينيات!

صرح رئيس الأركان الفريق خالد صالح الصباح لمجلة unipath العسكرية الأميركية بأن الجيش والقيادة المركزية الأميركية عازمان على القضاء على التنظيمات المتطرفة في المنطقة!
وهذا كلام رائع ومستحق، ولكن «الوقاية خير من العلاج»، وأن ملاحقة الإرهاب يجب أن يسبقها القضاء على بؤر تفريخه في الداخل، سواء كانت من هذا الطرف المذهبي أو من يخالفه، لا فرق!
***
في مثل هذه الأيام من كل عام يصل الشحن الطائفي إلى مداه، ويبدأ التراشق بين أطرافه، وكل طرف يبحث عن الشعبية على حساب الوطن وأمنه! وكل يريد تأليب السلطة على الطرف الآخر، ويهدد بالويل والثبور، وكأن الدولة ملكهم.
***
لا شك أن الخطاب الديني المعتدل لا يلقى آذاناً صاغية، لهذا لم يوفق دعاة معتدلون، سنة وشيعة، ونجح غيرهم ممن تبنوا الخطاب الطائفي العنيف، وكونوا لأنفسهم ثروات، وبنوا قصوراً من وراء مواقفهم المتطرفة، ولا يتسع المجال هنا حتى لذكر نصفهم، وعراق اليوم خير مثال!
***
الخطاب الديني المتطرف هو نتيجة «غير شرعية» لسكوت الجهات المعنية، أو ربما وقوفها وراء الجرعة الزائدة من المواد والدروس الدينية في حياتنا من خلال مختلف وسائل الإعلام، بحيث أصبح المحرض نجماً، والمتطرف بطلاً، ومختلق القصص والفتاوى رائداً يتبعه ويتواصل الآلاف معه، ليس لميزة فيه، بل فقط لأنه يعادي الطرف الآخر، ويخاطب غرائز الجهلة من أتباعه.

يقول صاحب الكرسي المخملي الأحمر في إحدى محاضراته قبل سنوات إن رجل دين معروفاً أخبره، نقلاً عن الشيخ ابن باز، بأنه كان يتركهم ويذهب إلى عمود ويقف عنده ليسمع أسئلة الجن ويجيبهم عليها! وتصادف أن سمع «رجل الدين المعروف» رواية النقل عنه، فأنكر النقل، وطلب من صاحب الكرسي المخملي أن يصدر نفياً، فوعده بذلك!

بعد خمس سنوات التقى الرجلان ثانية في مناسبة دينية، ولام «رجل الدين المعروف» صاحب الكرسي المخملي الأحمر على عدم الوفاء بوعده، ونفي ما نقله عن لسانه، فأصيب هذا بحرج أمام مشاهديه، وقال إنه أرسل التصحيح، ولكن يبدو أنه لم يرفع على اليوتيوب، ووضع المسؤولية على من اسمه «مبارك»! وطبعاً، لم يتبرع بنفي واقعة الجن، مؤكداً أنه ربما سمعها من شخص آخر، وهذا قمة التلاعب بأهواء الناس وعقولهم، حيث تمسك بروايته، وليذهب العقل إلى الجحيم!

وسبق أن أفتى نفس صاحب الكرسي بأنه تحرّم زيارة الآثار القديمة، مثل الأهرام وأبو سمبل ومدائن صالح وتصويرها والإعجاب بها، فهذا من الشرك!
***
سكوت الحكومة، الذي طال كثيراً على أمثال هؤلاء المخربين الذين يتمتعون ويستفيدون مادياً ومعنوياً من إثارة النعرات الطائفية، زيَّن لمتطرف بأن يقوم بتسجيل شريط وبثه على وسائل التواصل، طالب فيه رجال أمن وزارة الداخلية، من «السنة» بالذات، برفض المشاركة في حراسة الحسينيات، خلال مراسم عاشوراء؛ لكونها مخالفة شرعية، وأنه على الشيعة حماية حسينياتهم، وكأنه يدعو إلى خلق ميليشيات مذهبية!

إن هذا التحريض يشكل جريمة أمن دولة، وتحريضاً على الخروج على الحاكم، وتقويضاً للنظام العام، والسلم الأهلي، وعلى السلطة أن تدفن الفتنة فوراً!

لست مضطراً، ولكني أود التأكيد على أنني أكتب هذا وأطالب به من منطلق منطقي، فلست منتمياً لغير فريق الوطن.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top