خطاب «جنان».. والأمل في الإصلاح

انقلبت شاحنة تحمل كمية من البطيخ في شارع مزدحم في بغداد!
قام بعض من كانوا في طريقهم للمسجد بأخذ حبات منها، ووضعوها أمامهم وأدّوا صلاتهم!
 ***
«... أقف اليوم أمامكم برأس مرفوع وأنا أواجه استجواب المقاولين والشركات، وأواجه نواب الأمة، لا بل نواب المقاولين والشركات. أقف أمامكم فخورة بكل قرار اتخذته لكي أحمي حق الدولة، وبكل قرار اتخذته اتجاه الشركات الفاسدة، وفخورة بأن بعض من وقع على طرح الثقة بي فعلوا ذلك لأني (رفضت) طلباتهم بتعيينات إشرافية وقيادية مقابل أن أظلم آخرين لا واسطة لديهم. كما رفضت طلبات رفع الإيقاف عن شركات محددة! وفخورة أنني رفضت الموافقة على دفعات لشركة متعثرة، وفخورة لأن هذه الأسماء هي التي وقعت طلب طرح الثقة فيني!! فخورة لأني حفظت المال العام، وأديت أمانتي وبريت بقسمي الدستوري، ولكن اليوم بعض الذين وقعوا على طرح الثقة هل هم فخورون أنهم وضعوا أسماءهم على كتاب طرح الثقة؟

من على هذه المنصة أعلن استقالتي لأن الإصلاح أصبح مستحيلا، فالشركات أقوى للأسف، في قاعة عبدالله السالم من الإصلاح»!
***
كان ذلك نص كلمة الوزيرة السابقة جنان بوشهري، التي هزت «جزءًا من ضمير هذه الأمة»، في جلسة استجوابها عام 2019. وكان البعض من بين مَن وقعوا كتاب طرح الثقة، على رأس المعتصمين في المجلس، وذكرني موقفهم بتصرف المصلّين الذي ورد في الفقرة الأولى من المقال!

وبينت كلمتها القصيرة والبليغة عمق الهوة التي تشكو منها ديموقراطيتنا، وحاجتها للتنقيح.
***
الوضع السياسي الذي نعيشه شديد التردي، وليس هناك أمل في أن يكون لدينا ما يكفي من «نواب أمة» حقيقيين، وحتى هؤلاء ستختفي أصواتهم مع ضوضاء الأغلبية وحياد الحكومة في انتخابات المجلس واللجان، التي ستفرز قوى التخلف والقبلية التي ستسيطر على كامل الوضع، وستصبح الحياة حينها جحيما، وفترة الأشهر القليلة القادمة لا تكفي حتى لتنظيف المجلس من الأتربة التي علقت به، بعد حله، استعدادا لافتتاحه مجددا!

إن فترة «أخذ الأنفاس» المقترحة غير كافية لتغيير الأوضاع لمصلحة الوطن. وإن جرت الانتخابات في غضون الأشهر القليلة القادمة فالنتيجة معروفة سلفاً، أي ستكون المخرجات أكثر سوءا وسنعود للدوامة نفسها، وبالتالي يجب أن نعرف أن الكويت وطن جميل، والأسهل في الحكم والإدارة في العالم، والأكثر استعدادا للانطلاق ومواكبة الشعوب الحية معاركها الثقافية والرياضية والفنية والمالية، ولكننا نراه ينزلق أمام أعيننا بتسارع غريب نحو هاوية التشدد والتخلف، بحيث أصبحا وحدنا، وربما «طالبان»، نمثل التزمت الأشد في العالم!
***
نحن بحاجة بالفعل للتأني، ووضع خطة محكمة تتضمن مشروعا وطنيا ينهض بالكويت بعيدا عن الدروشة والتخلف والعصبيات القبلية والطائفية، والإيمان بأن مصيرنا كأمة أهم بكثير من «الديموقراطية»، فإن ضاع مصيرنا ستضيع الديموقراطية معه!

نحن بحاجة لأخذ نفس للتفكير بحكمة.

بحاجة لإغلاق الجمعيات الدينية والقبلية والطائفية كافة، وجمعيات النفع العام التابعة لها، ومصادرة أموالها.

بحاجة لمنع أي كان من استخدام أية تسميات غير دستورية ولا قانونية لرؤساء التجمعات، ويفضل منع وجودها غير القانوني، أصلا.

بحاجة لإعادة توزيع الدوائر الانتخابية، فالمناطق المدنية أصبحت تشكو من انحسار خطير لمصلحة غيرها.

نحتاج لغربلة كامل مناهج المدارس وتحديثها، وغير ذلك من إجراءات يطول شرحها. أما مقولة ضرورة التمسك بالدستور فلا تبدو منطقية، فطالما كانت مواده موضع تجاهل منهم، ولا ارى شخصيا سببا للتردد في التوقف بما يكفي بغية إعادة تنظيم امورنا بشكل كامل.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top