فلوس التقاعد.. وإدارة الجامعة الجديدة

أشعر فعلاً بالحزن، الأقرب إلى الأسى والأسف، عندما أسمع أو أقرأ آراء شخصيات توصف بالأكاديمية أو الليبرالية أو المثقفة أو المتعلمة، وحتى الخبيرة دستورياً، وهي تؤيد بشدة الإسراع في صرف مبلغ الـ3000 دينار للمتقاعدين، وتبرر ذلك بشتى الأعذار، ولا تتردد في مهاجمة من يعارض ذلك لأسباب لا مصلحة له فيها، ويزايد بعضهم على بعض في تقديم تبريرات إنسانية وتفسيرات قانونية، والمسألة برمتها لا تحتاج إلى كل هذه «الفلسفة»!
فمؤسسة التأمينات تعاني أصلاً من عجز ملياري ضخم، وصرف ما يقارب الـ600 مليون دولار نقداً للمتقاعدين، وأنا أحدهم، يتضمن ليس فقط هدراً لأموال المؤسسة، بل ويشكل إخلالاً بمبدأ العدالة، فأرصدة التأمينات واستثماراتها كافة هي ملك للمتقاعد ولمن ما يزال يعمل، فكيف ندفع لطرف ولا ندفع لآخر؟ وما ذنب من سيتقاعد بعد يوم مثلاً من تاريخ صرف المكافأة؟

إرضاء جماعة «عطونا فلوس، وليذهب مستقبل الصندوق للجحيم» عملية لا نهاية لها، وتتضمن خطراً أخلاقياً ومادياً واضحاً!

** *

صدر قبل أسبوعين أو أكثر قرار بتعيين مدير جديد لجامعة الكويت، بعد انتظار طال كثيراً، انحدر خلاله مستوى الجامعة إلى مستويات غير مسبوقة، وأصبحت مثالاً لسخرية المستفيدين من تردي وضعها، ومن الشامتين بحالها، وما أكثر أعداد الفئتين!

وفي محاولة لانتشال الجامعة من موقعها المتدني، إضافة إلى سابق اتفاقية تعاونها مع ديوانيات الكويت، أعلنت إدارتها الجديدة تخصيص ثلاثة أيام عمل لتقديم التهنئة للمدير الجديد بمنصبه، حيث سيخصص اليوم الأول، الأحد 17 أبريل لمنتسبي الجامعة، والأكاديميين ومساعديهم. وسيخصص اليوم الثاني للمهنئين من أمثالي، ولكن لن «يحصل لنا الشرف»، حيث سنكون خارج البلاد حينها. كما سيخصص اليوم الثالث والأخير للضيوف، ويقصد بالضيوف «المهنئين»، من الجمعيات والنقابات واتحاد الطلبة، وهو اتحاد غير معترف به أصلاً من أية جهة (!).

نتمنى أن تتبع كل الجهات الحكومية هذه السنة «الحميدة»، وإقامة الاحتفالات، وتخصص يومين أو ثلاثة أو حتى أسبوعاً كاملاً لتلقي «الوكلاء» الجدد، ومن في حكمهم، التهاني وقد يكون من بينهم منافقين وعاطلين عن العمل. فمن يحترم وقت البشر ووقت الدولة لا يقوم بتضييعه في مثل هذه الترتيبات غير الحضارية!

كان بودنا رؤية مثل هذا الاستقبال بعد تقدّم مستوى الجامعة وتحسّن مخرجاتها، وليس بمناسبة تولي مديرها مهامه! كما أن وضع الجامعة المتردي كان يتطلب من المدير الجديد أن يشمر أكمامه، ويرينا «عضلاته»، بدلاً من إشغال موظفي وأكاديميي الجامعة، في ذروة إنتاجيتهم، للتفرغ لتهنئته. والمفارقة هنا أن من سيحترم أداء عمله ويرفض تضييعه في تقديم التهنئة للمدير سيعاقب نفسياً على الأقل! أما من ترك عمله وتفرغ لتقديم التهنئة للمدير الجديد فسيكافأ غالباً، ولتذهب التقاليد الأكاديمية.. إلى الجحيم!

نتمنى تدخل جهة ما لوقف «حفل الولاء»، غير المسبوق هذا، كي لا يكرّس طقساً لا علاقة للأعراف الجامعية به!

***

ملاحظة: لو كنت مكان مدير الجامعة، لقمت في اليوم الأول بالانشغال بدراسة سبب نجاح وتميز الجامعات الخاصة، ومنها الجامعة الأمريكية للشرق الأوسط aum وشقيقاتها، وليس في ذلك ما يقلل من قدر جامعة الكويت، فنجاحها ظاهرة تستحق الدراسة!

الارشيف

Back to Top