عبدالله.. شخصية لا تتكرر

توفي الصديق الكبير والرمز الوطني والسياسي النائب السابق عبدالله النيباري قبل يومين من عيد ميلاده السادس والثمانين.
عرفت الراحل عبدالله قبل أربعين عاما، وكانت لنا جلسات مطولة وآراء متفقة حول الكثير من القضايا، وأكثر منها مختلفة ومضادة، وكنت دائم الاستفادة من هدوئه وقيّم أفكاره، مع عدم اتفاقي مع بعضها، وكان أول وآخر جدال بيننا يوم تحالف مع من كنت ولا أزال مختلفاً معهم، في سعيه لمواجهة الحكومة، وكانت له أسبابه حينها ولكني لم أستطع أبدا هضمها وقبولها، ومع هذا احترمت فيه سعة صدره واتساع أفقه واحترامه الرأي المخالف، على الرغم من كل ما اشتُهر به أصدقائي من «القوميين» من ضيق الصدر، وعدم تقبل الانتقاد!

يعتبر الراحل الكبير النيباري أحد مؤسسي «المنبر الديموقراطي»، وكان يديره منذ بداياته، وكان معنا في تأسيس جمعية الدفاع عن المال العام وجمعية حقوق الإنسان.

كان الفقيد صلباً إلى درجة الشراسة في الدفاع عن حقوق المواطنين، وكان هاجسه الدائم المحافظة على المال العام. كما نجح أكثر من مرة في وقف النهب منه، وكانت مواقفه الوطنية وراء تعرضه، وشريكة حياته، لمحاولة اغتيال آثمة، بعد التحرير مباشرة، وبقي أياماً بين الموت والحياة، وأثّر الحادث في حركته الطبيعية بقية حياته، وسبّب له معاناة كبيرة، وكل ذلك كان ثمناً لمصداقيته ومواقفه الوطنية. ولم تتردد نفسه الكبيرة والأبية، في مرحلة تالية، عن قبول طلب العفو عمّن حاول اغتياله.

كان النيباري مخلصاً لعمله النيابي، وكان أكثر النواب نشاطاً وحضوراً ومشاركة في اللجان. وبالرغم من كل الإغراءات التي قدمت له، فإنه رفض بصرامة كل عروض المشاركة في أية حكومة، وكان البعض يأخذ عليه وعلى «رفاقه» رفضهم المنصب الحكومي، وربما كان هؤلاء على صواب في رأيهم، ولكن النيباري ورفاقه كانوا يعتبرون أنفسهم مراقبين على عمل السلطة التنفيذية، وليسوا جزءاً منها، ولم تكن أجواؤها مغرية لهم يوماً!

لقد لحق الصديق الراحل عبدالله النيباري برفيقي دربه المرحومين سامي المنيس ود. أحمد الخطيب، فقد كانوا، وبقية رفاقهم الأحياء، يمثلون تياراً ربما أخطأ في بعض مواقفه وقراراته، ولكنه كان تياراً صادقاً مع نفسه ومخلصاً لوطنه ومبادئه! ولا ينسى لهم دورهم الوطني في صدور قانون «تأميم الثروة النفطية»، وكان النيباري رأس حربة تلك الحملة والمدافع الأقوى عنها في مجلس الأمة، لسابق خبراته الاقتصادية والنفطية.

نتقدم بخالص العزاء لأسرته الكريمة على مصابها الجلل.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top