«غوري» النائب الكندري

«غوري» أو «كيتلي»، تسميتان محليتان لإبريق الشاي، الأولى غير معروفة المصدر. أما الثانية، فمشتقة غالباً من كلمة kettle الإنكليزية.
***
تقدم النائب الفاضل عبدالكريم الكندري باقتراح تعديل قانون المناقصات وإلغاء الوكيل المحلي. وبرر اقتراحه بأن الوكيل كان سابقاً حريصاً على مصلحة وطنه، وأصبح تالياً سبباً في تعثر أغلبية المشاريع، وعلى يده تحولت الوكالة أداة اتجار بالإقامات، وتحقيق الربح على حساب الجودة، واحتكار المادة والخدمة. واقترح على الحكومة فتح باب التعاقد المباشر، فالحاجة للوكيل انتفت، بعد أن أصبح سبباً في تأخير أو فشل الكثير من المشاريع، إما لعدم قدرته المادية أو الفنية على إتمامها، أو سعيه إلى الربح السريع على حساب جودة المشاريع عن طريق إعادة تقسيمها وبيعها بالباطن أو الاستحواذ عليها من دون مراعاة ملاءته المادية، أو بسبب احتكار وحصر هذه المشاريع وتنفيذها على عدد من الوكلاء المحليين، ومن الضروري فتح الاقتصاد والمجال للمستثمر الأجنبي.
***
كلام النائب عاطفي وغير دقيق وتطبيقه سيحمل الدولة أعباء إدارية هائلة، وسيسبب إرباكاً كبيراً لمئات الأنشطة، إن طبق. أقول ذلك من وجهة نظر مواطن مراقب، وليس كمورد وصاحب وكالات، فمن الخطر الأخذ بتعميم النائب، ومضحك مثلاً وقف استيراد السكاكين لأن إحداها استعملت أداة في جريمة قتل! فالمطلوب ليس إلغاء الوكيل المحلي، بل الأمانة والحرص على مراقبة عمله، ومعاقبته إن أخطأ أو تاجر بالعمالة، فالتعميم هنا ظالم ولا يستند إلى أي دليل. والنائب الكندري نفسه لن يقدم حتماً على شراء غوري شاي كهربائي، ولن نقول مركبة أو تراكتور، إن لم يكن مطمئناً لوجود من يكفل إصلاحه إن خرب أو احتاج إلى قطع غيار، كما ليس من المتصور إلغاء وكيل سيارة ما وعلى من يتاجر بها توفير الصيانة وقطع الغيار لها؟

أما مسألة التعاقد المباشر مع الخارج، فسهل الكلام فيه وعنه، ولكن تطبيقه ليس عملياً أصلاً، وقد رأينا كيف حصلت جهات عدة على عمولات بمئات الملايين نتيجة قيام من يمثلون جهات حكومية بالتعاقد أو الشراء المباشر من المصنع العالمي، فالشراء المباشر من المصنع لم يمنع، في غالب الأحوال، من وقوع الفساد. إضافة إلى أن الجهات الحكومية لا تمتلك الخبرة في التفاوض مع عشرات آلاف المصادر، لتوريد مئات آلاف المواد والخدمات، خصوصاً أن هناك فرقاً بين تفاوض المالك وتفاوض الموظف!

كما ستواجه الحكومة معضلة كبيرة لو أخفقت الشركة الأجنبية في عملها، أو واجهت مشاكل تنفيذ أو صعوبات مالية، حينها ستخرج من السوق، و«تعال حل» الإشكالات مع مقاولي الباطن وموردي الخدمات.
***
الجهاز الحكومي، بوضعه الحالي، مترهل ومتعب وعاجز عن القيام بما يكلف به من مهام بسيطة، فكيف بتكليفه القيام بمهمة الوكيل المحلي، مع كل الفساد الذي ينخر في أجهزة الحكومة، والتأخير في سداد مستحقات المقاولين، والنتائج السلبية لتوظيف مئات غير الأكفاء في وظائف قيادية، وعجزهم عن الإشراف على الرقابة أو تنفيذ مشاريع الدولة!

وبالتالي، العلة ليست في المقاول المحلي، ولن نعفي الكثيرين منهم من الفساد والخراب، بل في ترهل الجهاز الحكومي وضعف الشفافية والرقابة فيه!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top