البدون والجنسية.. وأمن الوطن

تنفرد الكويت بين دول العالم بثرائها والدولة التي منحت أكبر عدد من المهاجرين لها، للعمل غالباً، جنسيتها، بكل ما تحمل من مزايا سخية، وهي نفسها التي دفعت الكثيرين تالياً للجوء إلى مختلف الطرق، غير الشرعية غالباً، للحصول عليها.
***
بين أول إحصاء نشر في الجريدة الرسمية في سبتمبر 1957، وكان بالفعل غاية في الدقة، وأتذكر زيارة ممثلي الشؤون لبيتنا ومحل جدي ووالدي، وبعض أحداثه، حيث تم فيه إحصاء كل فرد وعقار وآلة وغطى المدن والقرى والجزر وحتى البادية، وكان مدعوماً غالباً بقوة من الشرطة.

وعندما تشكَّلت لجان الجنسية الكويتية تالياً في عام 1959 كانت «أصول الغالبية» واضحة أمامها، وبالتالي لم يحرم من استحقوا نيلها، إلا في أضيق الحدود ولأسباب معروفة، وهذا يخالف ما أصبح يدعيه اليوم ويكرره بعض «أساتذة» التاريخ، من أن شرائح كبيرة حرمت من الجنسية وكانت هي «الأصل»!

بلغ تعداد الكويتيين في ذلك الإحصاء 113622 نسمة، ومن المرعب بالفعل ملاحظة الرقم الرهيب الذي وصل له العدد الآن، والذي يبين بوضوح التلاعب الذي جرى في الهوية الوطنية.

كما بينت أرقام الإحصاء أن أكبر جاليتين كانتا الإيرانية والعراقية، اللتين أصبحتا الآن الأقل عدداً، وكان عدد المصريين، على سبيل المثال، متواضعاً! كما خلا الإحصاء كلياً من «البدون» أو غير محددي الجنسية، فانتماء الجميع تقريباً كان معروفاً، وساهمت ربما حالة الهدوء السياسي والاستقرار الاقتصادي التي كانت تعيشها دول المنطقة، وعدم حاجة أهاليها للهجرة منها، إلى عدم التكالب على نيل الجنسية الكويتية. كما لم يكن ثراء الكويت الواسع قد ظهر حينها! ولا صحة مطلقاً لما ادعاه البعض من أن سكان البادية كانوا يسكنون مناطق بعيدة ولم يعلموا بتشكيل لجان الجنسية، فحرموا منها، أو أنهم حصلوا على الثانية فرفضوها فأصبحوا «بدون». فمعرفتي بأهل البادية تجعلني أسخر من هذه التبريرات السخيفة، فهم ليسوا بالسذج، بل لديهم الذكاء الفطري ودقة الحسابات، وبالتالي يستحيل أن عدداً كبيراً منهم لم يسمع ببدء توزيع الثروة في الكويت، مع منح الجنسية لسكانها، خصوصاً أن جميع العاملين في المهن الأمنية داخل «القصور» وخارجها كانوا من القبائل، ولا شك أنهم أوصلوا «خبر المنافع» لذويهم. وبالتالي فإن من المنطق الافتراض بأن من يصنفون اليوم بغير محددي الجنسية جاؤوا لهذه الأرض في مرحلة تالية، ومتأخرة جداً!

كما كان من السهل على أهل البادية الحصول على الجنسية أصلاً، فشهادة رئيس العشيرة أو القبيلة كانت، وحتى وقت قريب، تكفي لتجنيس الآلاف، حتى لو كانوا من «المنتسبين» لقبيلته.

والخلاصة أن من الخطورة بمكان على النسيج الاجتماعي وأمن الوطن منح الجنسية الكويتية لهذا العدد الكبير والخطير من «البدون»، وأصول غالبيتهم معروفة بمستندات دامغة، مع ضرورة توفير العيش الكريم لهم بمختلف الوسائل، ودمجهم في المجتمع بشكل تدريجي ومنظم!
***
ملاحظة: تعرّضت السيدة «لولوة الخالد» لحملة مغرضة على وسائل التواصل بسبب مواقفها الوطنية من قضايا الجنسية وغيرها!

نقول لبنت الكويت: محشومة يا أم عبدالله.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top