راقبوها.. لا ترعبكم مخالبها الدينية

كان، وربما لا يزال، من عادة بعض الجهات الرقابية الحكومية، في أكثر من دولة عربية، غضّ النظر عن مراقبة التصرفات المالية للجهات التي لها صبغة أو أنشطة دينية، من منطلق أن القائمين عليها بعيدون عن الشبهة والشك في تصرفاتهم. ولكن ثبت، من خلال أمثلة عدة أن الأمر قد يكون عكس ذلك، فجميعنا بشر والمال السائب مُغر، خاصة مع غياب أو ضعف الرقابة المالية. ولم يكن غريباً بالتالي رؤية وكلاء وزارات في الأوقاف ومَن دونهم ورؤساء وأعضاء جمعيات وجهات دينية يحالون للنيابة بتهم إساءة التصرف والاستيلاء على أموال عامة!
وفي الغالب تكون الجهات التي لها صفة دولية أو إقليمية أكثر الجهات بعداً عن الرقابة، وهذا يجعلها أكثر عرضة للفساد!
***
ورد في «الشرق الأوسط» السعودية، قبل فترة خبر عن مباشرة «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد» في السعودية التحقيق في عدد من القضايا الجنائية خلال الفترة الماضية، تمثل أبرزها في تورط 3 من منسوبي «رابطة العالم الإسلامي» في الحصول على أكثر من 5.7 ملايين ريال، على دفعات من مدير شركة متعاقدة مع الرابطة، مقابل موافقتهم على زيادة مبلغ 27 مليون ريال على قيمة مشروع تابع للرابطة والمنفَّذ من الكيان التجاري.

كما أوقف مدير بشركة مقاولات كبرى لحصوله على مليوني ريال على دفعات من كيان تجاري، مقابل تمكين الكيان من الحصول على عقود بالباطن مع الشركة ضمن مشاريعها القائمة بالحرم المكي، واختلاسه 50 مليون ريال من الشركة نفسها بمشاركة أحد محاسبيها، والذي يمثل نصيبه من مبلغ 25 مليون ريال، وإيقاف 3 موظفين ببنك لتأسيسهم كيانات تجارية، وفتح حسابات بنكية لاستخدامها في إيداع مبالغ نقدية مقابل حصولهم على 400 ريال من كل 100 ألف ريال يتم إيداعها بتلك الحسابات.

كما أعلنت الهيئة إيقاف «كاتب عدل» لحصوله على مبلغ 2.6 مليون ريال من رجل أعمال (تم إيقافه) مقابل إفراغ 4 صكوك بمساحة إجمالية تفوق 40 ألف متر مربع بطريقة غير نظامية، وإيقاف 4 من منسوبي جامعة ومواطن ومقيم سبق لهم العمل بها؛ لتورطهم في تأسيس كيانات تجارية، والحصول على مشاريع من الجامعة بمبلغ 10 ملايين ريال، وتوقيع شهادات إنجاز أعمال غير صحيحة.

كما باشرت الهيئة إجراءاتها حيال عدد من المواطنين والمقيمين لقيامهم بالتعدي على المساجد والاستفادة من خدمة التيار الكهربائي الخاصة بها، وإحالتهم إلى الجهة المختصة ليتم اتخاذ اللازم بحق مرتكبيها. كما جرى إيقاف موظف بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإحدى المناطق ورجل أعمال ومقيم، لحصولهم على رشى، مقابل توقيع شهادات إنجاز أعمال غير صحيحة.
***
ما يحدث حولنا لسنا بعيدين عنه، خاصة وأن الجهات الرقابية في وزارة الأوقاف، كما يشاع، تترد منذ سنوات في التدقيق على حسابات الجهات «الخيرية» التي لها أرصدة ضخمة في الخارج ولها مشاريع خارجية متعددة لا يعرف عنها إلا القليل، وهي أيضا بحاجة للرقابة! 

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top