الوراثة والجهراء

من المعروف ان السلطات الصحية في الكثير من دول العالم تشترط اجراء الفحص الطبي قبل الموافقة على اي زواج، لما يشكله هذا الفحص من اهمية قصوى في اكتشاف مدى احتمال انجاب اطفال معاقين من هذا الزواج، او احتمال نقل امراض خطيرة لأبنائهم، كما يساعد هذا الفحص المسبق ايضا على اكتشاف مدى قدرة احد الطرفين او كليهما على الانجاب.
والكويت في طريقها اخيرا لأن تضع خرافات الامس المتعلقة بالقضاء والقدر خلفها والايمان اكثر واكثر بأن على الانسان ان يعقلها ومن بعدها يتوكل، وذلك بإلزام كل المقبلين على الزواج في الكويت بالفحص الطبي مع نهاية هذا العام، او بداية العام المقبل، فهذا ينقل الكويت خطوة صغيرة للأمام والانضمام الى قائمة الدول المتقدمة.
ان تأجيل اتخاذ هذا القرار من قبل السلطات الصحية في الاعوام السابقة اضر بالكثيرين، وجعل الكويت في مصاف الدول ذات النسب العالية في اصابات الاعاقات الشديدة والامراض الوراثية الخطيرة.
وعلى الرغم من كل ما يشكله اتخاذ هذا القرار من صعوبة، وما يتطلب تطبيقه من متطلبات لوجستية قد لا تكون متوافرة لدى الوزارة حاليا، فإن اي تأخير في فرض الامر وجعله الزاميا على المقبلين على الزواج مستقبلا سيكون في حكم الجريمة بحق هؤلاء في حال حدوث انجاب غير سليم نتيجة غياب المعلومة الطبية الصحيحة.
اننا نطالب من خلال هذه الزاوية، جميع المعنيين بالأمر، او من يعز عليهم، بضرورة قيام المقبلين على الزواج بإجراء الفحص الطبي المجاني في مركز الامراض الوراثية التابع لوزارة الصحة لما لهذا الامر من اهمية قصوى.
ومن المؤسف والمضحك في الوقت نفسه ان تقوم السلطات الصحية الكويتية بالصرف مجانا على طلبات اجراء الفحص الطبي لمواطني مختلف دول العالم الذين ينوي احدهما او كلاهما الزواج في الكويت قبل اعطاء موافقتها الرسمية على الزواج، ولا تقوم الوزارة نفسها بفرض هذا الامر على مواطنيها.
***
ملاحظة: بعد وقوع مئات حالات الاعتداء في السنوات التالية للتحرير على الهيئة الطبية والتمريضية في مستشفى الجهراء من قبل مواطنين يصرون على كونهم من ابناء هذا البلد، وافقت وزارة الداخلية على 'استعادة الامن في المستشفى' عن طريق تعيين عسكريين لحفظ الامن فيه.
ان الاعتراف باضطرار السلطات الامنية للجوء الى هذا الاسلوب البدائي لحفظ امن المستشفى، والذي يبدو ان لا مفر منه، والذي يبين ايضا مدى تخلفنا وقلة حيلتنا، امر مخجل حقا ويدعو الى الاسف، والمؤسف اكثر ان اي طرف رسمي او اكاديمي على غير استعداد لدراسة هذه الظاهرة، والتفكير في مسبباتها.
ولكننا مع كل هذا لم نتأخر في الاشادة بدور المحافظ ومدير امن المنطقة في استعادة هيبة القانون في المستشفى، ونسينا ان الكثير من جرائم انتهاك القانون، وهتك عرضه قد جرت في الماضي غير البعيد في المستشفى نفسه وفي غير 'عهدهما' على الرغم من عدم مسؤوليتهما المباشرة عن وقوعها، ولكن يبدو اننا تعودنا على الاشادة والشكر والمدح، ونسينا في خضم كل ذلك ان نجرؤ ونشير بأصابع الاتهام إلى أي طرف.

الارشيف

Back to Top