أحيانا، البعض منا لا يتغير.. أبدا!

'.. يبلغ عدد سكان لبنان 400 الف نسمة يقطنون في اكثر من 600 مدينة وقرية ورأس جبل.
يعيش اتباع مختلف المذاهب والديانات مع بعضهم، كما يقومون بممارسة طقوسهم الدينية المتضادة والمملوءة بالخرافات المتعارضة بتقارب جغرافي غريب، ولكن من دون القدرة او الرغبة في الاندماج مع بعضهم البعض في مجتمع متجانس، ودون اي مشاعر اخوية اتجاه احدهم للآخر، فالسنة يكفرون الشيعة، ويشترك الطرفان في كراهيتهم للدروز. اما الموارنة فليست لديهم اي ميول لمحبة اي طرف، وفي المقابل فانهم مكروهون من الآخرين جميعا، كما لا يطيق الروم الكاثوليك منهم، والجميع يزدري اليهود.
ويمكن قول الشيء نفسه عن الاقليات الاخرى، فليس هناك ترابط او لحمة عامة تربط الدولة، كما ان المجتمع لا يبدو انه في طور النمو الذي يصاحب اي مجتمع، وهذا ما لا يمكن ان يحسب لمنفعة الجميع، بل لا يؤدي مع الوقت الا الى تجزئة المجتمع لوحدات اقل حجما، وهذا ما يدفع بالشعب الى ان ينحو نحو الشعور بالضياع واليأس وأن يتلهف عند كل فرصة سانحة لكي يظهر عداءه للطرف الآخر.
ان روح الابداع التي تميز بها اللبناني كانت السبب في قدرته على التغلب على الكثير من الصعاب والمشاكل التي واجهته، وهذه الروح هي التي جلبت له نوعا من النظام من داخل الفوضى الشاملة التي تميز بها، وهي نفسها التي خلقت من عناصر الاختلاف تناغما واضحا!
لا توجد، باعتقادي، دولة في العالم تجتمع فيها كل هذه التنوعات الاثنية والدينية وهنا يكمن العائق الاكبر امام اي تقدم او انسجام في الوضع العام او الشخصية او الحالة، ان هذا الخليط لا يمكن ان يتكون منه شعب واحد متحد، كما ان ليس بمقدوره الاتحاد تحت مظلة دينية او سياسية واحدة، وبالتالي سيبقى كيانا ضعيفا، غير قادر على حكم نفسه بنفسه من غير تدخل خارجي، وهو بالتالي معرض لأي غزو يأتي من الخارج، او أن يخضع لنفوذ اقوى منه ومن الخارج ايضا.
وعليه فقد كان لبنان، وهو الآن كذلك، وسيستمر شعبا منقسما على نفسه..'.
***
الفقرة أعلاه مترجمة بتصرف من كتاب 'الأرض والكتاب' لمؤلفه القس البروتستانتي دبليو ام تومسون، وكتب في عام 1870!
***
ما أشبه اليوم بالبارحة.

الارشيف

Back to Top