من يهن يسهل الهوان عليه

اعترضت جهات عدة على تدخل سفارات بعض الدول، وبالتحديد الولايات المتحدة، في شؤوننا الداخلية وبالذات في ما يتعلق بحقوق العمالة الوافدة، وفي آلية ممارسة الرقابة على الجمعيات الخيرية! والاشراف الصحيح على اعمالها وانشطتها، وضرورة التشدد معها في ما يتعلق بطرق جمع وصرف أموالها!
ونحن اذ نتفق مع هذه الجهات في حرمة التدخل في شؤوننا الداخلية فإن من الواضح ان اجهزة الدولة التنفيذية، ولسبب ما، عاجزة عن الوقوف بحزم في وجه هذه الجمعيات وتطبيق القانون بحقها، وهذا اضعف الايمان، وبالتالي كان لا بد من وجود قوى خارجية تقوم باجبار حكومتنا على القيام بما تستحي، او لا تشتهي القيام به، وهو تطبيق القانون، ولا شيء غير ذلك، فقرارات مجلس الوزراء وقرارات مختلف وزراء الشؤون كانت واضحة في ما يتعلق بطريقة التعامل مع الجمعيات الخيرية المخالفة وكيفية التصدي لها ونوعية العقوبات التي ستطبق عليها في حال اصرارها على ارتكاب المخالفة، او تكرارها.
ولو رجعنا إلى تقارير حملات التفتيش التي يقوم بها مفتشو وزارتي التجارة والشؤون، حيث امتلأت مكاتب كبار مسؤوليهما بها، لوجدنا العجب العجاب، فهذه المخالفات المتمثلة بانشطة جمع التبرعات ووضع الاكشاك ونشر الاعلانات وجمع الملابس المستعملة من البيوت ووضع حصالات في مختلف المساجد والمكاتب لم تتوقف كليا في اي وقت، بل كانت تخضع للمد والجزر حسب اهواء وعلاقات كبار مسؤولي هذه الجمعيات بمسؤولي الحكومة، خصوصا بعد ان عرف هؤلاء ان 'الانذار الاخير' للمفتش لا يختلف كثيرا عن النداء الاخير الذي يبث مرات عدة في المطارات لركاب الرحلة الواحدة والذي لا يعني شيئا للكثير من المسافرين الذين اعتادوا سماعه، فلو كان اخيرا وجادا لبث لمرة واحدة فقط!
خلال وقوع كل هذا الكم الكبير من المخالفات الخيرية لأبسط واخطر قوانين وانظمة الدولة في ما يتعلق بمراقبة انشطة جمع التبرعات وتشغيل اموال الخيرات في مشاريع متنوعة تسرب جزء من هذه الاموال لتمويل انشطة ارهابية، قام سمو رئيس مجلس الوزراء، قبل ايام قليلة، باستقبال مجموعة من رجال الدين، ومن مسؤولي الجمعيات الخيرية بالذات، في ديوان سموه، وقد تصدرت صورهم الصفحة الاولى لعدة صحف. وذكر في الخبر ان سموه حث مسؤولي ورؤساء الجمعيات والمبرات والصناديق واللجان الخيرية على تكثيف انشطتهم وتوجيهها التوجيه الصحيح!
ونحن نؤكد لسموه هنا ان معظم هذه الجمعيات لن تطبق الا اجندتها ولن تسير الا على سياسات قلة من مجالس اداراتها ولن تعمل الا بارشادات زعمائها! علما بان عددا من الذين قام سموه باستقبالهم كانت لهم صناديق وحسابات مصرفية لجمع تبرعات باسمائهم الشخصية، ولا نعلم حتى اليوم ما إذا كانت الاموال التي قاموا بجمعها بصفة شخصية لا تزال في حساباتهم ام انهم قاموا بتحويلها للجهات التي عملوا تحت مظلتها ام ان الطيور طارت بأرزاقها؟!

الارشيف

Back to Top