معارك قلم

قام الزميل عبداللطيف الدعيج قبل سنوات بتجميع مقالات 30 عاما في كتاب سمّاه «معارك قلم» وكان اختيارا جيدا، فقد كانت حياته ومقالاته، ولا تزال، مجموعة معارك ضد جهات عدة، وأعتقد أنه انتصر في غالبيتها إن لم يكن كلها، وبقي هو وبقيت افكاره، وذهب أولئك مع الريح. تذكرت ذلك عندما سمعت بكل الفضائح التي تعرض لها رجال سياسة وأعمال ودعاة مشهورون، وما حققه كل هؤلاء من ثروات ضخمة نتيجة فسادهم العقائدي والسياسي، كما حدث مع صاحب ميثاق الشرف، وغيره في مصر والكويت والسعودية أو قطر بيوسفها القرضاوي! وأعتقد، وبتواضع، بأنني شاركت الزميل الدعيج في بعض «معاركه»، إضافة لمعاركي الأخرى، وأثبتت الأيام أنني كنت على حق في كشف «سر وستر» الكثيرين، وبالتالي لم استغرب الهجوم الأخير الذي تعرض له «ملهم» الإخوان المسلمين، يوسف القرضاوي، الذي ما ان سقط مبارك حتى سافر الى مصر ليصلي في ميدان التحرير، ويخطف ثورة شبابها ويجيّرها لجماعته، وصدور مذكرة اعتقال بحقه من القائد العام لشرطة دبي بسبب تهجمه على الإمارات وسبها، كدولة وحكومة، ووصفها بأقبح الأوصاف، بسبب موقفها من بعض المتظاهرين السوريين، المعارضين لنظام الحكم الدكتاتوري في بلادهم! ووصف قائد شرطة دبي ــــ كما نقلتها الصحافة ــــ تعليقات القرضاوي بأنها سفيهة، مضيفا: ما بقى يشتم إلا فينا، شتم العالم كله، لم يبق ولم يذر، ونسي يوم أن هرب مع فتاة سرا، وتاريخه أسود في الجزائر، ارتكب حماقات شنيعة.! وقال انه سبق للإمارات أن أمرت بمنع دخول القرضاوي إلى أراضيها «لما له من نشاطات تنظيمية سياسية»، واتهمه بأنه «بدأ يحزب الناس ويؤسس لمشروع يهدف إلى إحداث بلبلة»، وزاد قائلا انهم في الإمارات سبق ان قبضوا على عناصر من تنظيم الإخوان المسلمين، الذي ينتمي اليه القرضاوي، في حالة تلبس مع عاهرات! وتابع خلفان متسائلا: متى رمينا السوريين في الشارع؟ كيف تنقل إليه أخبار كاذبة فيصدقها، وهو رجل دين عليه ألا يتسرع في الحكم على عباد الله؟ واتهم المسؤول الأمني الإماراتي القرضاوي بأنه يعمل بأسلوب «يا تخلوا تنظيم الإخوان يأخذ راحته أو أشتمكم في الجزيرة وفي خطبة الجمعة»، واصفاً الأمر بأنه «بلطجة»! وتساءل عن سبب سكوت القرضاوي عن قيام قطر بسحب جنسيات المئات من مواطنيها.
لقد سبق أن انتقدنا القرضاوي في الكثير من المقالات، وكان التهجم يلاحقنا دائما، مدافعين عن سيرة الرجل، واصفين إياها بالعطرة! مطالبيني بالإنصاف والحيادية عند الحديث عنه، ولكني كنت دائما على ثقة بصحة موقفي منه، وصحة ما نسبته من أقوال للزعيم السلفي المصري المتشدد ابو اسحق الحويني من مقترح يتعلق بتفعيل فريضة الجهاد، لتخليص مصر من ديونها، فبالجهاد يمكن غزو بلاد الكفار وسبي ابنائهم ورجالهم ونسائهم، وبيعهم في «أسواق الرقيق»، وتحقيق مال يزيد عما يمكن تحقيقه من السفر لدول الكفر والعمل فيها، وفك ضائقة المواطنين بالتالي، وقد ورد في الأخبار أن الحويني اصيب بـ«وعكة» نقل على اثرها لمستشفى أوروبي! ولو رجع سليما معافى فهل سيعود لمقترحه المتعلق بفرض الجهاد، وخطف وبيع بنات وأبناء ونساء من انقذوا حياته وحياة المئات غيره من «الدعاة» من موت محقق؟ وكيف يقول هؤلاء كل هذا الهراء ثم لا يترددون في اللحاق بأول طائرة خاصة أو ملكية متجهة للغرب عند شعورهم بأول عارض صحي؟

الارشيف

Back to Top