العلماء والعقيدة الدينية

تبيّن من استطلاع أجرته مؤسسة «بيو» الأميركية للأبحاث في مايو 2009 على أعضاء الجمعية الأميركية لتقدم العلوم أنهم أقل تديناً بكثير من العامة. فأكثر من نصفهم يؤمنون بشكل من أشكال الإله أو بقوة أعلى، ولكن تبيّن للمؤسسة أن النسبة بين بقية الأميركيين ترتفع إلى %95!
وفي استطلاع أكثر حداثة تبيّن أن 4 من كل 10 علماء لا يؤمنون بقوة أعلى، ولكن فقط %4 من مواطنيهم يشاركونهم الرأي نفسه.

يتتبع الاستطلاع الأخير للعلماء عن كثب الاستطلاعات السابقة، التي قاست آراءهم حول الدين، وتم إجراء أولى هذه التجارب في عام 1914 من قبل عالم النفس السويسري الأميركي جيمس لوبا، الذي قام بإجراء أبحاثه على آراء نحو 1000 عالم في الولايات المتحدة الأميركية لسؤالهم عن آرائهم عن الإله، فوجد أن المجتمع العلمي منقسم بالتساوي، فـ%42 يؤمنون بإله محدد يمكن تشخيصه، بينما قالت نسبة مماثلة إنهم لا يؤمنون.

بعد مرور أكثر من 80 عاماً، أعاد إدوارد لارسون، مؤرخ العلوم، الذي كان يعمل في ذلك الوقت بالتدريس في جامعة جورجيا، صياغة استطلاع لوبا، وطرح الأسئلة نفسها على العدد نفسه من العلماء، ولدهشة الكثيرين جاء استطلاع لارسون عام 1996 بنتائج مماثلة لاستطلاع لوبا، حيث وجد أن %40 من العلماء يؤمنون بإله شخصي، بينما قال %45 إنهم لا يؤمنون بذلك، كما أسفرت دراسات استقصائية أخرى للعلماء عن نتائج مماثلة تقريباً.
***
نظراً لانخفاض أعداد ومستويات إيمان نسبة كبيرة من العلماء بقوة أعلى، فليس من المستغرب أن تكون نسبة من لا ينتمي من هؤلاء لأي دين أعلى بكثير مما هو عليه بين العامة. وبالتالي، يستتبع ذلك أن معظم التقاليد الدينية ممثلة بأعداد أقل في المجتمع العلمي منها في الجمهور ككل.

فعلى سبيل المثال نجد أن نسبة البروتستانت في المجتمع العلمي لا تشكّل إلا %21، بالرغم من أن الإنجيليين منهم فقط يمثلون %28 من سكان أميركا، ونسبتهم لا تشكّل سوى شريحة صغيرة (%4) من المجتمع العلمي. ومن الاستثناءات الملحوظة أن اليهود، الذين يشكّلون نسبة أكبر من المجتمع العلمي (%8)، لا تزيد نسبتهم على %2 من عامة الأميركيين.

كما وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن مستويات العقيدة الدينية، بين العلماء، تختلف باختلاف تخصصهم العلمي وفئتهم العمرية. فعلى سبيل المثال يؤمن %41 من علماء الكيمياء بقوة إلهية خفية، وهي نسبة أكبر من أولئك الذين يعملون في المجالات العلمية الرئيسية الأخرى. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يؤمن العلماء الأصغر سناً، من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، بقوة أعلى أكثر من أولئك الأكبر سناً.

كما بيّنت دراسة لمركز بيو، تعلقت بالخلفية الدينية والثراء والتعليم، أن اليهود هم الأكثر تعليماً، حيث يبلغ متوسط نصيبهم من الدراسة 13.4 سنة، بينما تبلغ النسبة عند المسيحيين 9.3 سنوات، وأترك لكم تقدير نصيب الفرد في دولنا من التعليم، ولو أننا الأعلى عالمياً في عدد حملة شهادات الدكتوراه «الخرطي»!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top