علم الإقناع

تعتبر عملية إقناع الغير بوجهة نظرنا مسألة ليست بالسهلة أبداً، وهي مشكلة تواجه السياسيين والمرشحين للانتخابات، كما الحال مع سماسرة الأسهم والعقار، ومديري مبيعات الخدمات السياحية، ومروجي آلاف الأنشطة والسلع والخدمات الأخرى.
علمياً، هناك 6 طرق يمكن باتباعها كلها أو بعضها إقناع الغير بوجهة نظرنا، أو بما نود تسويقه، ويسمى هذا «علم الإقناع».
***
يقول عالما الاجتماع كيالديني ومارتن إن البشر، بشكل عام، يتخذون قراراتهم بعد دراسة، قد تكون مستفيضة وبطيئة أو سطحية وسريعة، مع مقارنة ما هو متاح لهم من بدائل، وعلى ضوء المعلومات التي تتوافر لديهم أو لهم يقومون باتخاذ قراراتهم. ويمكن الحصول على الإيجاب أو القبول منهم، بطريقة أخلاقية، باتباع كل أو أي من الطرق التالية:

أولاً: المعاملة بالمثل، فنحن عادة ما نشعر بأن علينا واجب المعاملة بالمثل لكل من قدم لنا هدية أو دعانا لحفل عشاء مثلاً. ونرى أن صاحب المجلس أو الديوانية يكرم رواده، وبالتالي يصعب على هؤلاء رد طلباته، حتى الصعبة منها، ثم التصويت لمرشح معين مشارك في الانتخابات. فنحن شبه مسيرين لرد الجميل لمن أكرمنا.

كما يتصرف الكثيرون بطريقة أكثر كرماً مع الجرسون، الذي يقدم لهم قطعة حلوى مجانية مثلاً في نهاية العشاء.

ثانياً: الندرة، فنحن نستطيع تسويق الكثير من الخدمات والمواد متى ما نجحنا في إقناع الطرف الراغب بأنها خدمة مميزة أو قطعة نادرة. فرحلات الكونكورد كانت غير مرغوبة، ولكن ما إن أُعلن عن قرب وقف رحلاتها، حتى تكالب المسافرون على السفر عليها.

كما نجد أن لوحات أو تماثيل أي فنان تتضاعف أسعارها بعد وفاته مباشرة.

ثالثاً: السلطة، وهي تتمثل في ميلنا إلى سماع رأي «الخبراء» والتأثر بآرائهم. فالأطباء الذين يعلقون شهاداتهم الدراسية في عياداتهم يكسبون ثقة مراجعيهم بصورة أفضل من غيرهم.

رابعاً: الثبات على المبدأ consistency، فنحن عادة ما نكون أسرى سابق مواقفنا وأقوالنا. فلو طلب من مراجع أن يكتب بنفسه تاريخ مراجعته القادمة للمكتب أو الطبيب، بدلاً من أن تقوم بذلك السكرتيرة أو موظف المكتب أو العيادة، فإنه عادة ما يكون أكثر التزاماً بالموعد.

خامساً: الإعجاب، فمن الطبيعي ميلنا إلى أن نقول نعم لمن نحب، ولكن ما الذي يسبب إعجابنا بشخص على آخر؟ هناك 3 عوامل:

فنحن نحب المشابهين لنا، خصوصاً بمواقفهم وآرائهم.

كما نعجب بالذين يبدون إعجابهم بأدائنا.

ونعجب بالذين يشاركوننا في تحقيق أهداف مشتركة.

فعندما يعرف من سنتفاوض معه مثلاً أننا نشاركة في تشجيع ناد رياضي شهير، فإنه غالباً ما سيكون أكثر ميلاً للتجاوب مع طلباتنا.

سادساً: توافق الآراء، consensus فعندما نخبر شاغل غرفة فندق بأن %70 ممن شغلوها قبله كانوا من أصدقاء البيئة، وأعادوا استخدام مناشفهم، وأن حماية البيئة تصرف حضاري، فإننا عادة ما نحصل على تجاوب أفضل منه.

والآن: هل أقنعتكم بمقالي؟

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top