المدير.. والحكومة السلحفاتية

في قمة حر شهر يوليو الماضي، هبطت طائرة طيران الخليج اضطرارياً في مطار الكويت «الدولي»، وأعلن طاقمها حالة الطوارئ، وطلبت من الركاب الخروج منها بأقصى سرعة، والابتعاد عنها بعد أن اشتعل الحريق في جزء منها، خشية تعرض الطائرة للانفجار.
استغرقت عملية الخروج من الطائرة وقتاً طويلاً، وكان حظ الركاب كبيراً، حيث لم تمتد ألسنة اللهب لداخلها، وتسببت الفوضى وتضارب التعليمات وجهل الركاب بالقواعد، التي يفترض اتباعها في مثل هذه الحالات الاضطرارية، بإصابتهم جميعاً تقريباً بكدمات وخدوش وجروح، هذا غير الرعب الذي سكن قلوبهم، ربما للأبد، بعد أن رأوا الموت بأعينهم. ولكن يبدو أن هذه الدقائق الثلاثين لم تكن كافية لسلطات الطيران المدني لإرسال سيارات الإسعاف والإطفاء للطائرة، ولا حتى حافلات لنقل الركاب المساكين، الذين انتشروا بشكل فوضوي في المنطقة الصحراوية المحيطة بالطائرة، واضطرارهم للمشي إلى مبنى الركاب، والهلع يملأ قلوبهم، وأفكارهم مشغولة بأمتعتهم، كل ذلك تحت درجة حرارة لا تطاق، وخيبة أمل تطحنهم طحناً من التقصير الفاضح لإدارة الطيران المدني!
***
بالرغم من المصيبة الأمنية التي وقعت للطائرة وركابها، والإخفاق الخطير لإدارة الطيران المدني، حيث ظهر عجزها واضحاً، فإنها استطاعت التغطية على الموضوع، واختارت عدم التعليق عليه، وعدم ابداء أية أسباب لتخلفها الواضح في الاستجابة لأدنى متطلبات السلامة. وربما لحسن حظها لم يكن بين ركاب الطائرة أية «شخصية متنفذة»، لكان الحال غير ذلك تماماً.
***
سبقت هذا التقصير الخطير تخبطات عدة وقعت فيها إدارة الطيران المدني، وأخطاء فادحة خلال أزمة كورونا، مثل أزمة رسوم المغادرة، حيث فشلت الإدارة، على مدى ستة أشهر، في تطبيق قرار فرض رسوم مغادرة ووصول على كافة المسافرين، مما اضطرها للتضحية بضريبة سابقة لتطبيق الضريبة الجديدة بنفس رمز الضريبة القديمة، وخسارة الدولة لدينارين عن كل مسافر، فمن يتحمل مسؤولية هذه الخسارة؟

لا أعرف شخصياً أحداً في الطيران المدني، ولا علاقة لي بها، ولا أتعامل معها، ولكن ما حدث ويحدث من تقصير فاضح يبين عجزها، فكيف سيكون عليه الوضع، مع كل ترهلها وبلاويها، عندما تتسلم مسؤولية إدارة مبنى المطار الجديد، بحجمه الذي يفوق حجم الحالي مرات عدة؟

لقد تعبنا من الانتظار، وعلى حكومتنا السلحفاتية التحرك بسرعة أكبر ووضع الكفاءات المناسبة في الأماكن المناسبة.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top