يا حكومة افعلي شيئاً قبل فوات الأوان

لدينا مشكلة سكنية تتعلق بحاجة عشرات، أو ربما مئات آلاف المواطنين، لسكن لائق، حالياً ولخمس سنوات مقبلة، وليس لدى غالبية هؤلاء القدرة على شراء الأرض وبناء «بيت العمر» من غير الاعتماد على «الماما الحكومة»، والاقتراض من مختلف الجهات.
المشكلة أخلاقية اجتماعية قبل أن تكون لوجسيتية مالية وسياسية.

فعلى الرغم من شح موارد الدولة، واضمحلال حجم «دولة الرخاء» وتناقص مساحة الأراضي الصالحة للسكن، فإن المواطن مصر على أن يبني بيتاً لا يقل في بهائه وحجمه عن بيوت أقرانه.
***
بينت دراسة قام بها النائب والوزير السابق مشاري العنجري، أن متوسط مساحة «بيت العمر» في أميركا هو 224 متراً، وفي بريطانيا 214 متراً، وفي كندا 181 متراً، وهي ثلاث من أغنى دول العالم. أما في الكويت، التي تنتمي لفئة الدول المتخلفة، فإن متوسط حجم بيت السكن فيها يبلغ أكثر من خمسة أضعاف ذلك! كما أن هناك شبه رفض شامل للسكن العمودي، بسبب الثقافة الاجتماعية والمدرسية الخاطئة.

ما لا يريد الكثيرون الالتفات له أن البيت ليس أرضاً ومبنى كونكريت، بل هو يشبه «الكائن الحي» لأنه بحاجة لصيانة دورية وتنظيف يومي، وتكلفة كهرباء وماء، وتأثيث وأثمان، كل هذه الأمور في صعود مستمر، وتشكل سبباً رئيسياً وراء شكاوى المواطنين من قلة مرتباتهم، على الرغم من أنها بالآلاف، وغالباً لأنهم بنوا بيوتاً كبيرة في حجمها.

وتقول دراسة العنجري إن حكومة الكويت لديها أكبر ميزانية استهلاكية في العالم ومتضخمة إلى أبعد حد، ويغلب عليها اعتمادات المرتبات والدعوم المختلفة في دولة ليس فيها ضرائب، ورسومها الجمركية زهيدة وفيها أرخص أسعار وقود وكهرباء وماء وغذاء، وكل سلعها رخيصة نسبياً. وبالتالي فإننا لا نشكو فقط عدم توافر ما يكفي من سكن محترم لآلاف المواطنين، بل ويشكو من حصلوا على بيوت من زيادة تكلفة بنائها وصيانتها وإدارتها. وبالتالي فإن المشكلة السكانية في تفاقم، ومعظم المعنيين بالأمر مشغولون بتسوية أحقادهم الشخصية ووضعها فوق بقية الاعتبارات.

وطالب السيد العنجري بوقفة جادة ومناقشة موضوعية وعلى كل المستويات وخاصة من أصحاب الاختصاص الفني والاقتصادي، وكذلك من الشباب الذين ينتظرون تخصيص سكن لهم، لوضع الحلول العلمية والعملية المناسبة للمشكلة.

ولكن السيد مشاري العنجري والكثيرين من المخلصين من أمثاله يعلمون أكثر من غيرهم أن ما يطالبون لا يجد لا أذناً صاغية ولا عيناً ترى الحقيقة، ولن يؤدي لشيء لدى حكومة أصبحت أولوياتها مختلفة. فالمسألة مسألة ثقافة وقرارات جريئة وتحرك سريع وكل هذه الأمور بحاجة إلى ما لا يسمح بذكره.. علناً.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top