جمعيات الهداهد والغُربان

بسبب تداعيات جريمة الربيع العربي التي كادت تطيح الشرعية في البلاد، وتذهب بنا إلى الخراب، قامت الحكومة بمحاسبة «أبطال» تلك المرحلة، ومنهم من حصلوا على جنسية الدولة قبلها بسنوات، فتمت إحالة البعض للقضاء، وصدرت بحقهم أحكام، كما سحبت جنسية الدولة من البعض الآخر بسبب مواقفهم وخطبهم السياسية المعادية، بكل وقاحة، لنظام الحكم.
***
بتدخلات، وغالباً من جهات دينية متشددة، صدر عفو «خاص» عن بعض هؤلاء، ومنهم دعاة، مع حرمانهم من العمل السياسي.

لمعرفة البعض بمدى قوة التيار الديني والسياسي، الذي سبق أن أنقذهم من حبل المشنقة في جرائم قتل شهيرة، ولما يمكن أن يدره العمل في «أنشطة الجمعيات الخيرية» من مال، وهم الذين سبق أن كوّنوا ثرواتهم ومكانتهم الاجتماعية من ورائها، فقد عاد بعض هؤلاء الدعاة، الذين سبق أن مُنعوا من العمل في السياسة، عادوا لميدان «العمل الخيري»، الذي سبق أن أخرجوا منه بعد سحب جنسياتهم، وهم على ثقة بأن هذه العودة ستسهم مستقبلاً في رفع الحظر عنهم. ومن أجل ذلك قاموا بتأسيس أو إحياء جمعياتهم الخيرية، من هداهد وغُربان، لجمع ما يمكن جمعه من أموال واستقطاع «حصتهم منها»!
***
ورد في نشرة دعائية أن إحدى الجمعيات نجحت، من أموال التبرعات، في إقناع 20 ألف شخص بدخول الإسلام!

لا أود التشكيك في صحة هذا الادعاء، ولكني فقط أتساءل كيف استطاع من يدير هذه الجمعية أو من يمثله، إقناع 20 ألفاً بالضبط، وليس أقل أو أكثر من ذلك، التخلي عن سابق عقيدتهم والتحول للإسلام، والعالم أجمع غارق حتى أذنيه في مشكلة الكورونا، ومنع التجول سار في كل العالم تقريباً، وحظر السفر مطبق في كل مكان؟
***
يقارب عدد المسلمين في العالم المليار ونصف المليار، فهل يعني هذا شيئاً في ميزان القوى العالمي لكي نزيد العدد عشرين أو ثلاثين ألفاً؟ هل المسألة في الكم أم الكيف؟

ماذا قدمنا جميعاً، ومنذ ألف عام، للبشرية وأعدادنا في تزايد مستمر؟

هل الأُسر الكثيرة العدد أكثر قدرة على توفير التربية والتعليم المميز لأبنائها وإيجاد الوظائف لهم، مثلاً، لكي نسعى إلى زيادة أعدادنا كمسلمين؟

ما هي منجزاتنا وأعمالنا مقارنة بمنجزات 15 مليون يهودي؟

لقد كانت مهمة التبشير بالدين مطلوبة عندما كان الإنسان سيفاً ورمحاً ومحارباً وفارساً، وكان المسلمون قلة، ولكن إنسان العصر الحديث هو العقل والعلم والفكر، أي الكيف وليس الكم.

وبالتالي كنت سأتبرّع لهذه الجمعية لو قالت في إعلانها إنها نجحت في تعليم ألف شخص، ولأي دين انتموا، حرفة أو لغة أو مهارة، ونتج عن ذلك العمل الخيّر والحقيقي أن هؤلاء قرروا التحول للإسلام، ولم يفعلوا ذلك لأن أحداً أغراهم بمال أو طعام!

ولكن على من تقرأ مزاميرك أيها الكاتب؟

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw


الارشيف

Back to Top