سعد وشخطة قلم سموه

مهما كانت درجة سلبية آرائنا في حكومة دبي، إلا أنها تبقى مثالا يحتذى، ويمكن التعلم والاستفادة من تجاربها، خاصة في مجال تطوير العمل الحكومي. فقد سبقتنا، أو سبقت دولا متقدمة كثيرة، في تطوير أنظمتها الإدارية والأمنية، وجعلتها خالية تقريبا من الورق والطابع والختم، والاستلام والتسليم، وكتابنا وكتابكم... إلخ، وهذا قلل من الفساد والرشوة الحكومية. ونحن في الكويت بحاجة فعلية لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي برمته، وبدء مرحلة جديدة تعتمد على الميكنة، والتراسل الإلكتروني، وتقديم الطلبات والحصول على الموافقات عن طريق النت، والمواقع الإلكترونية، من دون حاجة لإرسال مندوب، أو لوساطة نائب أو متنفذ.
***
يقول سعد إنه يمتلك منذ أكثر من أربعين عاما وكالات لمنتجات عالمية، واكتفى لسنوات بهامش ربح صغير لضمان استمرارية الطلب والحد من المنافسة.
 
كان يقوم بتوريد المواد المتعاقد عليها لمخازن الوزارات المعنية، لتقوم هذه، بعد استلام شهادات توريد المواد للمخازن، والتيقن من مطابقتها للمواصفات، بتحويل مبلغ العقد لحسابه المصرفي من دون تأخير.
***
اكتشفت جهة ما، من بعض موظفي الإدارات المالية في الوزارات، من جماعة «إياهم»، أن هذه التلقائية أو السهولة في الدفع يجب ألا تستمر، لأنها «لا توكل عيش»، وبالتالي كان لا بد من عرقلة الدفعات ليأتي التاجر سائلا عنها، فيبدأ الابتزاز!

ويستطرد سعد قائلا إن دفعات الوزارات بدأت في السنوات الأخيرة تتأخر في الوصول لحسابه، تحت مختلف الذرائع، لتتراكم المبالغ لأشهر عدة بعد أن كان الأمر يستغرق بضعة أيام. وكان يقوم شخصيا بملاحقة الدفعات مع أعلى الجهات، ويضطر في أحيان أخرى للاستعانة بنائب لتمرير دفعاته، ويضطر في النهاية لدفع «المقسوم» أو الرشوة، وكان يعوضها برفع أسعار منتجاته، كما فعل ربما غالبية الموردين من أمثاله، وكان المال العام هو الذي يتأثر في نهاية الأمر، ليستفيد من الفساد «الدود» الإداري، وليخسر المجتمع ماله، وفوق ذلك شيئا من أخلاقه.
***
العودة للأسلوب القديم في سداد مستحقات المتعاملين مع الجهات الحكومية لا يحتاج لغير «شخطة قلم» من رأس الجهاز المهيمن على أعمال الدولة، فسكوت سمو الرئيس عن الوضع غير الطبيعي المستجد، هل يعني رضاه او عجزه عن فعل شيء؟! وهذا أمر مخجل بالفعل، فقد تسبب في تخريب ذمم، ونشر الفساد واسعا!
***
وينهي التاجر سعد، الذي حوله الجهاز الحكومي لراش، كلامه بالقول إن النظام الحالي لا يستفيد منه غير الطفيليين، والوضع جريمة بحق الوطن وأخلاق المجتمع. فتأخير دفعات الحكومة للموردين يوقف عجلة الاقتصاد ككل، ويؤثر في جميع المتعاملين في السوق، ويزيد الفساد والشكوى من الحكومة، فهل سنسمع قريبا صوت شخطة قلم سموه؟

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top