وضعنا.. بعيون خليجية

يقول المثل الأفريقي: قبل أن تسعى لتطوير وتعديل مجتمعك أو وطنك، انظر لداخل بيتك.. ثلاث مرات!!
***
لبعض من يصفون أنفسهم بالمفكرين او «الأدباء»، وبالذات الخليجيين منهم، مواقف رافضة أو حادة من «ديموقراطيتنا» تصل أحيانا للسخرية المُرة، ولا أدري من أجبرهم عليها أو طالب بفرضها عليهم؟

يقول محلل سياسي خليجي معروف، ومقرب من السلطة، وأحد أكثر ناقدي «النموذج الديموقراطي في الكويت» إن التجربة الكويتية غير ملهمة ولا مقنعة له، كما كانت الكويت في عصرها الذهبي.

ويقول آخر، وهو روائي معروف، وصاحب آراء متقلبة، يقول بسخرية يعتقد أنها مرّة، إن أهل الكويت يجب أن يعترفوا بأن ديموقراطيتهم المؤسسة على النمط الكويتي، غير صحيحة وهم في غنى عنها!!
***
أولا هذه ديموقراطيتنا، ونحن قابلون بها بالرغم من عدم رضانا التام عنها. وهي لم تعرض عليكم لكي ترفضوها؟

ثانيا، لماذا الاستهجان أو السخرية من شيء اسمه «ديموقراطية على النمط الكويتي»؟ فهل ديموقراطية أميركا مثلا، ليست على النمط الأميركي، الذي يختلف تماما عن النمط الفرنسي أو الجنوب أفريقي؟

من الطبيعي ان يكون لكل دولة نظامها السياسي الذي يتماشى مع رغباتها، وهي غالبا قابلة بها. فجميع ديموقراطيات العالم لا تتشابه في شيء، فلكل منها عيوبها ومزاياها، ووضعت أساسا لتناسب نمط حياتهم ونفسياتهم، فما العيب في ذلك؟

ثالثا: أنتم، وغيركم، لديكم حساسية من نوع ما من ديموقراطيتنا، التي تجعلنا متميزين بأعينكم! فحتى ونحن نجالسكم في بيوتكم ومكاتبكم في أوطانكم، تدركون جيدا تميزنا. فالغريب الذي يدخل علينا يستطيع خلال لحظات معرفة الكويتي عن غيره الخليجي، وهذا شيء نفتخر به، ولا نريد فقده!

فإذا كان لدى البعض منكم حساسية من أي نوع من الديموقراطية، فهذا لا يعني أنها غير صالحة لغيركم. فمن لا يتناول فاكهة معينة، كالحمضيات، لأنها تسبب حرقة له، فهذا لا يعطيه الحق في رفض تناول الآخرين لها، فالغالبية لا مشاكل لديها مع الحمضيات، أو الديموقراطية، فاتركونا لحالنا، وحاولوا الاعتراف بحقيقة مشاعركم، ولا تكونوا «صوت سيده» أو his master’s voice

رابعا: لسنا سعداء حتما بوضعنا السياسي، ولا بما يجري بين الحكومة والمجلس، ولا بغالبية مخرجات ديموقراطيتنا، ولكن لو خُيّرنا بين العيش في الكويت، أو أية دولة أخرى لكان خيارنا الكويت، فهي الوطن والملاذ الأخير، ويكفي أن بإمكاني أن أكتب هذا المقال وأنتقد حكومتي وأعلق على سوء قراراتها وأذهب لبيتي وأضع رأسي على مخدتي وأنام سعيدا، من دون خوف من زائر فجر أو مكالمة من ضابط!

هناك الكثير من الاشاعات التي تملأ فضاء الإعلام، عن حقيقة أوضاعنا، والجهات المعنية تعرف من يقف وراء نشر هذه المخاوف عن الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي في الكويت، ولكن من يحب ويحترم وطنه عالم بأننا قادرون على تجاوز أية محنة نواجهها بالتكاتف، فحريتنا سياجنا، وهو الأمر الذي لا تجده إلا في دولتين أو ثلاث من دولنا العربية.

اتركونا لحالنا، فنحن سعداء بأوضاعنا، وأملنا كبير في تجاوز كل أزماتنا.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top