أبو زرافة والكورونا

لا شك أن وباء كورونا أفاد الكثيرين وخرب بيوت الأكثر، وتسبب في إفلاسات وإغلاق أنشطة مربحة إلى الأبد. ومن مزاياه أنه أسكت صوتاً كان دائم الادعاء بالمعرفة والتنبؤ بالغيب، وأضرت ادعاءاته بالكثيرين، وكان الوحيد الذي وقف مع إعادة انتخاب «ترامب» رئيساً، وأنه سيعلن الحرب على الصين قبل الانتخابات الأميركية، وبالتحديد في أكتوبر 2020، ليفوز بالرئاسة. صمت بعدها المحاسب، أو المفكر والدكتور والاقتصادي، بعد أن تبين أن كل تنبؤاته، كما ألقابه، كانت زائفة.
***
يتألف النظام الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة من طبقات عدة، يحكمها مجلس المحافظين المعينين رئاسياً، الذي يضم 12 بنكاً احتياطياً فدرالياً تقع في مدن رئيسية، وتشرف على بنوك منطقتها. ودورها مجتمعة هو تحديد السياسة النقدية.

كما أن هناك أيضاً مجالس استشارية مختلفة. وبالتالي، فإن نظام الاحتياطي الفدرالي يحتوي على مكونات عامة وخاصة، وله هيكل فريد بين البنوك المركزية، ومع هذا لا يحق له طباعة وإصدار العملة، فهذه مهمة وزارة الخزانة.

تحدد الحكومة الفدرالية رواتب محافظي مجالس الإدارة، وتتلقى جميع الأرباح السنوية للنظام المصرفي الفدرالي، بعد دفع حصص قانونية على استثمار رأس مال البنوك الأعضاء. ويذكر أن صافي أرباح بنك الاحتياطي الفدرالي تقدر سنوياً بمئة مليار دولار، وتعتبر قراراته مستقلة ولا تخضع لموافقة الرئيس أو أي شخص آخر في الفروع التنفيذية أو التشريعية للحكومة، ولا يتلقى تمويلاً من الكونغرس، وكان الدافع وراء وضعه الفريد الرغبة في توفير أقصى مرونة له للتصدي لأي ذعر مصرفي، والعمل كبنك مركزي، وتحقيق التوازن بين المصالح الخاصة للمصارف ومسؤولية الحكومة، وحماية حقوق المودعين، وإدارة المعروض النقدي للدولة من خلال السياسة النقدية لتحقيق أهداف متضاربة في بعض الأحيان، وفرض أسعار مستقرة، بما في ذلك منع التضخم أو الانكماش، ووضع أسعار فائدة معتدلة طويلة الأجل، واستقرار النظام المالي واحتواء المخاطر النظامية في الأسواق المالية، وتقديم الخدمات المالية لمؤسسات الإيداع وحكومة الولايات المتحدة والمؤسسات الرسمية الأجنبية، وغير ذلك من مهام مهمة وخطرة.
***
ثم يأتي من يقبل بأن يوصف بـ«المفكر والدكتور والاقتصادي» ليقول إن رئيس البنك الفدرالي الأميركي صرح (لم يذكر طبعاً لا اسمه ولا تاريخ التصريح) بأنه يقوم، بعد إقفال أسواق المال في العالم، بتسلم كشف يتضمن أسعار العملات مقابل الدولار، بتحديد أسعارها لليوم التالي، حسب رغبته، ثم يخلد للنوم!

وهذا طبعاً كلام فارغ ما كان يجب أن يصدر عن عاقل.
***
ليس الغرض من هذا كشف حقيقة هذا الرجل، فقد تكفلت «الكورونا» بإسكاته، بل الغرض منه ألا نغتر بأصحاب الألقاب الرنانة، وألا نصدق كل ما يردنا، فبذل قليل من الجهد في البحث والسؤال يمكن أن يقينا من مخاطر الوقوع في أخطاء كبيرة.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw


الارشيف

Back to Top