توصية اللجنة «المطفوقة»

أحياناً يكون من تختلف معه بقدر من السذاجة بحيث لا تحتاج إلى جهد لكشف عيوبه، فغالباً ما يتولى الأمر بنفسه ويوفر المادة الخصبة لانتقاده. فما علينا غير الجلوس وانتظاره ليفتح فمه بتصريح لنجد العيوب ماثلة أمامنا، ولتتحقق الكارثة بإسناد أمور التعليم والاقتصاد وغيرهما إلى غير المؤهلين؟
***
وقف النائب حمد المطر، رئيس اللجنة التعليمية في مجلس الأمة، باعتداد وفخر واضحين، أمام عدسات الصحف والوكالات ليعلن أن اللجنة اجتمعت ووافقت على 5 توصيات، أغلبيتها تتعلّق بالطلبة، ومنها التوصية بزيادة مكافآتهم من 200 إلى 300 دينار، والموافقة على منح الطالب المتزوج بغير كويتية المبلغ نفسه، وهو ما كان ممنوعاً من قبل!
***
واضح أن التوصية يقصد بها كسب أصوات الطلبة مستقبلاً وبعض أصوات أولياء الأمور، ولو يعلم من وافق عليها مدى ضررها اجتماعياً وأخلاقياً وعلمياً لما وافق عليها أصلاً، ولكن ما العمل وهذه اختيارات الأحزاب الدينية لمن يمثلها في البرلمان، وخيراً فعلوا ليعرف من يثق بهؤلاء مدى خوائهم.
***
فكرة منح الطلبة، وعددهم تقريباً 100 ألف في جامعة الكويت والتطبيقي، والمعاهد المتخصصة، أضرّت بهم ولم يستفد منها إلا القلة المحتاجة. وقانون المكافأة أقر من دون التشاور مع أولياء أمور هؤلاء الطلبة المسؤولين عن تربية أبنائهم وأخلاقهم.

فإن كان هدف المكافأة مساعدة الطالب على شراء الكتب مثلاً، فكان حرياً بالحكومة توفيرها من خلال مكتبات الجامعة بأسعار رمزية للطالب المحتاج، أو صرفها عن طريق الجمعيات الخيرية، أو بأية وسيلة أخرى بدلاً من صرف مبلغ 20 مليون دينار سنوياً، كمكافآت لتضيع على طلبيات أكل من المطاعم ولوازم الماكياج. ثم تأتي جهة «مطفوقة» وتطالب بزيادتها بنسبة %50 دفعة واحدة.

ولو كان أعضاء اللجنة التعليمية، برئيسها المغوار، يفكرون بحق في مصلحة الكويت وشبابها، وليس مصالحهم الانتخابية، لأوصوا بإلغاء هذه المخصصات، أو على الأقل ترشيدها، بحيث تسهم في رفع مستوى مخرجات التعليم من خلال منحها لطلبة المواد التي نحن بحاجة إليها كالطب والهندسة والعلوم المختلفة، لا سيما البيو- كيمياء والعلوم الوبائية التي صار دورها مصيرياً في تأمين حياة الشعوب كما كشفت جائحة كورونا، وحجبها عن التخصصات الأدبية. فكيف لدولة بهذا التخلف تساوي بين دارس الطب وطالب الشريعة، وغالبية الأخيرة لا يجدون وظائف لهم في سوق العمل؟

وكيف لم تكتشف لجنة «عباقرة التعليم» في المجلس أن كتب المواد العلمية نادرة وغالية، وكتب الكثير من المواد النظرية توزع ببلاش ومن دون مقابل؟

وبالتالي، فإن قرار زيادة منحة بنسبة %50 قرار شعبوي بليد، أريد منه الكسب السياسي والإضرار باقتصاد يترنح، لكي يحافظ السيد المطر وأعضاء لجنته على كراسيهم وليذهب الترشيد ومصلحة الوطن إلى الجحيم.

لا يحتاج الأمر إلى حث الحكومة، كونها رشيدة، لإلقاء مقترح اللجنة التعليمية في سلة القمامة، فتلك هي نهاية غير المجدي من التوصيات.

نعود ونقول:

أحياناً يكون من تختلف معه بقدر من السذاجة بحيث لا تحتاج إلى جهد لكشف عيوبه، فغالباً ما يتولى الأمر بنفسه ويوفر المادة الخصبة لانتقاده.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top