قلّة الأدب في مصر.. وبقية بلداننا

ألقى الطبيب والروائي المصري علاء الأسواني، صاحب «عمارة يعقوبيان» و«شيكاغو» وغيرهما من الروايات الشهيرة محاضرة، قيمة بعنوان «قلّة الأدب في مصر». كانت المفاجأة أن عنوانها لم يتعلق بقلّة الأدب، حسب مفهومنا السائد، بل بالأضرار الجسيمة وغير القابلة للإصلاح التي أصابت الأمة نتيجة قرون من إهمال القراءة الأدبية، وهي الأسهل، مقارنة بأنواع القراءات الأخرى. يقول الأسواني إن أرقام اليونيسكو، وهي الجهة العالمية المعنية بالثقافة والفنون والآداب، بينت أن نصيب الفرد العربي من القراءة سنوياً هو «ربع صفحة»، بقسمة عدد صفحات الكتب التي تمت قراءتها في عام، في كل الدول العربية، على العدد الكلي. ولو قارنا وضعنا بالولايات المتحدة، التي لا يقل عدد سكانها عنا كثيراً، لوجدنا أن نصيب الفرد الأميركي 11 كتاباً في السنة! وقال إن في مصر مثلاً، بين الأعوام 1924 وإلى 1954، وتحديداً قبل انقلاب 1952، كان عدد القراء أكبر، ولكن الوضع تردى بسبب أمور أربعة: أولاً: التعليم، حيث لم تولِ الحكومات القراءة بأنواعها أية أهمية تذكر. ثانياً: الإعلام، الذي أصبح بوقاً للإشادة بمنجزات النظام، أو للتغطية على إخفاقاته. ثالثاً: نظام الحكم، فالدكتاتور لا يقرأ، ولا يود أن يقرأ، ولا يميل إلى من يقرأ. رابعاً: ممثلو الفكر الديني الذين احتكروا الحقيقة، وطالبوا بقصر القراءة على الكتب الدينية، والرجوع إليهم في أمور حياتهم. وبالتالي كانت نتائج قلّة الأدب كارثية على مصر، وتتبعها بقية دول عالمنا العربي والإسلامي.. بكل اتساعه وتعدد مشاربه وتشعبه!

***

كما أن من الظواهر المقيتة في المجتمعات الشرقية عدم تحلي مواطنيها بفضيلة الاعتذار عند ارتكاب خطأ ما بحق فرد أو جماعة أو المجتمع ككل، بسبب رسوخ مفهوم أن الاعتذار دليل ضعف، والحقيقة طبعاً عكس ذلك.  فقد تكرر من نشطاء سياسيين، ومنهم الأكاديمي عبيد الوسمي والنائب حسن جوهر، الذي «طاح من عيننا»، والنائب أسامة الشاهين وغيرهم، الوقوع في أخطاء برلمانية ومالية قاتلة بسبب تصديقهم السريع، دون بحث أو سؤال، لأية رسالة «واتس أب» تردهم، خاصة إذا تضمنت «فضيحة» مالية أو مخالفة جسيمة، ثم يتبين بعدها أن الخبر عار عن الصحة، ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، ولكن استعجالهم في النشر، ومسارعتهم إلى تقديم أسئلة برلمانية للوزير المعني، تسببا في الإساءة إلى سمعة جهات أو أفراد لا ذنب لهم، ومع هذا لم يبادر أي من هؤلاء، ممن أخطأوا في حق غيرهم بالاعتذار إلى من أساؤوا لسمعتهم، ولو بكلمة «تطيب خاطرهم»، بالرغم من خطير اتهاماتهم، فهل هذا من الأخلاق الحميدة؟

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top