أغرب دولة

تبلغ مساحة الكويت 18 ألف كلم2، وتعداد شعبها لا يتجاوز المليون ونصف المليون بكثير، وتعيش فيها بسلام جاليات من مختلف دول العالم، والعمل فيها سهل، وتتمتع السلطة باحترام الجميع ومحبتهم، وليس هناك قضايا خطرة تواجه الدولة، فمواردها كبيرة، ولديها احتياطيات مالية ضخمة، ولكنها تشكو من عدة علل، شبه دائمة، منها، على سبيل المثال لا الحصر: الإصرار على الاعتماد على مصدر دخل واحد. رفض فرض الضرائب على دخل الأفراد والشركات. التقاعس الجدي عن محاسبة «كبار» المتهمين. رفض استغلال مصادر الطاقة البديلة. رفض إصلاح النظام السياسي. رفض إصلاح الإدارة. رفض تعديل التركيبة السكانية. استمرار التعيينات العشوائية في أعلى المناصب. رفض الدولة المدنية والانفتاح على العالم.

***

بسبب كل هذه الأمور أصبحت وزارة الأوقاف أكثر قوة وأعلى أهمية من وزارات التربية والثقافة والأدب والفنون والإعلام.. مجتمعة! وبسبب ذلك عجزت الحكومة عن معالجة موضوع تافه كالتخلص من جبال الإطارات منذ أكثر من عشر سنوات. وبسبب أمراض الجهاز الإداري الحكومي عجزنا عن تعيين مدير لإدارة مكافحة غسل الأموال.. منذ سنوات. وبسبب أمراضنا المزمنة، وطيحان الحظ، أصبح إعادة افتتاح شبرة خضار خبراً، وإيصال التيار لجمعية نبأً يتصدر الأخبار المحلية. وبسبب كل ذلك لم يكن غريباً، قبل سنوات، إعلان الحكومة أنها اكتشفت «فجأة» انتهاء مخزون جوازات السفر، وتبعه إعلان آخر عن انتهاء ما لديها من اللوحات المعدنية لأرقام السيارات. وبسبب ذلك أصبح أمراً عادياً البحث، في الساعات القليلة السابقة لإعلان التشكيل الوزاري، عن وزير مكمل، بأية طريقة كانت، وكأن كل الوقت الذي كان لدينا لاختيارهم لم يكن كافياً. ونجد في حريق لوّث أجزاء كبيرة من الدولة نتيجة احتراق كميات كبيرة من إطارات المركبات التالفة في منطقة «رحية»، أمراً مفاجئاً، وكأننا لم نكن نتوقع، للمرة الألف، حدوث ذلك. كما أصبحنا لا نستغرب قيام مجموعة من الغوغاء بمحاصرة سيارة شرطة والاعتداء بالضرب المبرح على العسكر، بالرغم من تكرار مثل هذا الحادث، ولينتهي كل شيء في اليوم التالي بقبلات حارة على أنوف «غير مكترثة»! وضعنا بائس بالفعل، وتعديله لا يحتاج لجهد كبير، بل لإرادة وقوة في اتخاذ القرار: فوضعنا الاقتصادي بحاجة للإنقاذ. ووضعنا التجاري في انحدار. ووضع المجتمع الأخلاقي في خطر واضح. ومع هذا لا تزال سياسة «الهون أبرك ما يكون»، والتسويف والتأجيل هي السائدة.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top