إنسانية الفيلكاوي

لسبب ما، تتولى جهات حكومية ثلاث المسؤولية عن طرق الدولة الرئيسية والفرعية ومجاري مياه الأمطار والفضلات.

***

فمن ناحية، تتولى وزارة الأشغال الاهتمام بجزء من طرق الدولة، وغالبا الداخلية منها، ضمن حدود الدائري الرابع. وتتولى هيئة الطرق الإشراف على الطرق الخارجية السريعة من إنشاء وصيانة. كما تشرف بلدية الكويت على كل الأرصفة وتتولى تحديدها وصيانتها. أما مجاري الطرق وبقية المناطق، فإنها تتبع كذلك وزارة الأشغال لكونها جزءا من البنية التحتية التي تقوم بتصميمها وبنائها مع الطرق. سبب كل هذا إرباكا لا داعي له لأكثر من جهة، ولكن هذه مسألة أخرى، فالحكومة أبخص.

***

اشتهرت الكويت بـ«كويت الإنسانية»، وأصبح الكثيرون يميلون لاعتبار الكويت بالفعل بلد الإنسانية، ولكن إن لم نهتم حقيقة بإنسانية البشر العاملين بيننا ومعنا، خصوصاً الأكثر ضعفاً وحاجة لنا بالذات، ومن هؤلاء العمال المنوط بهم مهمة تنظيف مناهيل مجاري الأمطار. فطوال العام، تتسرب لهذه المجاري كل أشكال القمامة من فضلات طعام وجيف حيوانات نافقة وأتربة، وكل ما لا يخطر على البال. وتقوم وزارة الأشغال بتلزيم مهمة تنظيفها، وعادة قبل موسم الأمطار بأيام، لشركات عدة. ولكن تحت ضغط المنافسة الضارية بين شركات النظافة، وضغط النظام الكارثي المتعلّق بترسية المناقصة على أقل الأسعار، يدفع الطرف الأضعف ثمن تلك الحرب. يقول المثل الأفريقي، عندما تتقاتل الفيلة، تدفع الأعشاب الثمن، وحرب التسعير بين شركات النظافة يدفع ثمنها في نهاية الأمر عشرات آلاف عمال النظافة، خصوصاً المتعلّق منها بتنظيف المجاري، العملية التي يقوم بها هؤلاء بدلا من آلات التنظيف المتخصصة التي يمكنها القيام بالمهمة باحتراف وكفاءة عالية، ولكن بتكلفة أعلى قليلاً، وأقل خطورة بكثير على حياة هؤلاء العمال الذين يتم «إنزالهم» لتنظيف المجاري مما علق أو سقط بها طوال العام، وتعريضهم لمخاطر عالية، أقلها إصابتهم بأمراض ودوار، وتاليا خطر الموت اختناقا، وليست في ذلك أي مبالغة. توفير آلات تنظيف المجاري أمر ضروري وحيوي، حيث إنها توفر خدمة مميزة طوال العام، فلا نفاجأ بسقوط الأمطار في غير موسمها، وإغراق وإغلاق الطرق. ولا نعرض حياة العمال المساكين للخطر، والأهم من ذلك أن هذه الآلات المتخصصة تقوم بتنظيف المجاري من كل ما علق بها من فضلات والتخلص منها بصورة سليمة، وليس رميها جزءا كبيرا منها، كما يحصل الآن، خارج المنهول لتأتي الأمطار بعدها بيوم أو يومين وتعيدها إلى نفس مكانها! نتمنى على وكيل وزارة الأشغال المميز المهندس إسماعيل الفيلكاوي الاهتمام مبكراً بهذا الموضوع، استعداداً لموسم العام القادم 2020/‏2021، لأن في استخدامها رحمة بالعمال وتقليلاً من أعدادهم، وتشجيع المواطن مستقبلاً للعمل بهذه المهمة من خلال إدارة آلات التنظيف الدقيقة هذه. 

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top