طائفة البهرة وفساد الرأي

تزامن ارتفاع أعداد المصابين بڤيروس الكورونا بين الجالية الهندية، التي يبلغ عددها المليون، مع انتشار فيديو يقوم فيه عدد من الهنود البهرة، بلعق ملاعق وصحون الطعام من فضلات الأكل التي تبقت بها قبل غسلها. وكانت التعليقات على ارتفاع أعداد الإصابات وربطها بلحس الملاعق والصحون عنصرية ومسيئة جدا، فوق أنها كاذبة. ففيديو اللعق كان تصويرا لطقس ديني يدعو أبناء الطائفة للتبرك بلعق الأواني التي تناول «كبارهم» الطعام فيها. كما يعني الطقس أن من «المحرم» رمي فضلات الأكل في المجاري، والأفضل تناولها.

***

أتعامل مع موظفين وشركاء وعملاء من البهرة منذ نصف قرن، ولم أجد منهم طوال هذه الفترة إلا كل خير، وهم يتصفون، بشكل عام، بالهدوء والميل للسلم والنظافة، وهذا لا يعني اتفاقي مع معتقداتهم أو معتقدات غيرهم. كما لاحظت على مدى عقود أنهم متسامحون مع غيرهم، ويساعدون بعضهم البعض. ففي احدى الشركات هناك أكثر من 250 موظفا وعاملا، غالبيتهم من الهنود، وليس لطائفة أو دين منها الغلبة على الأخرى، علما بأن شركائي كان لهم حق توظيف من يرون، دون اعتراض مني، ولكنهم لم ينحازوا لـ«جماعتهم» على حساب الكفاءة.

***

تاريخ البهرة، كغيرهم من أتباع الطوائف والملل في منطقتنا ليس دقيقا ولا اتفاق عليه. البهرة فرع من الإسماعيلية، ويسمى فرعهم الأكبر الإسماعيلية المستعلية، ويسمون أحيانا بالطيبية، نسبة للإمام «الآمر» وابنه «الطيب»، ولكنها أمور غير موثقة بشكل جيد، وغامضة. يتركز البهرة في الهند، ولكنْ لهم أتباع في اليمن، وتقرّب حكومات دول كثيرة زعماءهم لأن البهرة لا يتدخلون في السياسة، وغالبيتهم، كما يدل عليه اسمهم بلغة الكوجرات، تجار، وربما هاجروا للهند من مصر الفاطمية، الشيعية قبل 900 عام تقريبا، وينقسمون لفرق عدة، ويحجون لمكة ولكنهم يتبركون بزيارة مصر ودمشق. كما يوقر البهرة زعيمهم بشكل كبير، ويتبرعون له سنويا بالكثير. ولهذا نجد دائما صراعا على الزعامة، التي تمتلك الكثير من المال والنفوذ، والقدرة على الإنفاق على المشاريع الخيرية، ولهذا نجد حرصا على حصر الزعامة في ذرية محددة، كما هو الحال مع بعض مراجع الاثنى عشرية، والأسر الثرية التي تمنع خروج الأموال منها بالمصاهرة مع الغير. فهناك عادة متأصلة في باكستان تُزوج فيها ابنة الأسر الثرية للـ«القرآن»، وبالتالي لا يحق لها الزواج بأحد، لتبقى الثروة ضمن الأسرة، ولتذهب سعادة البنت للجحيم. يختلف البهرة عن تيار الشيعة الأكبر، الإثنى عشرية، في أمور جوهرية كثيرة، منها اعتقادهم بأن الإمام «الطيب» هو الإمام الغائب، وحين انتهى عمره الطبيعي خلفه ابنه إماما. وسلاطين البهرة هم نواب الإمام ودونه مرتبة، والعصمة للإمام أو من ينوب عنه من الدعاة. وغوغل مملوء بتفاصيل كثيرة عنهم.

أحمد الصراف 

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top