نقابة القصابين واتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية

قام اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية بتقديم 3 شكاوى أمام النيابة العامة، ضد «مشككين بالعمل الخيري». وفي بيان له، رفض الاتحاد التشكيك في عمل أعضائه، خاصة عبر أقوال لا تمت للحقيقة و«مزيفة ومهينة ومسيئة»! ورحب بالنقد البناء، مؤكدا رفضه السكوت عما يرد من همز ولمز وطعن في الذمم، من دون دليل أو تثبت. ومن هذا المنطلق، قام الاتحاد بدعوة فريق من المحامين للقيام بمهمة الدفاع عن العمل الخيري ضد كل انواع التشويه المتعمد و«غير المتعمد». وكيف أن الفريق سيتأكد من أن «قانون العمل الخيري» المزمع اصداره سينص على إدانة المسيئين له، بلا دليل! وهذا بحد ذاته طلب سخيف، فالقوانين الحالية تغطي هذه الجزئية من دون الحاجة للنص عليها في القانون المقترح. أما طلب الاتحاد الأكثر سخفا وخطورة من الأول، فيتمثل في رغبته بعدم اخضاعه لأي نقد طالما تقوم «أجهزته» الرقابية بالرقابة على أعمالها، إضافة لرقابة وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الخارجية، على أعمالها، هذا غير رقابة «مكاتب التدقيق المحاسبية»! وهذا إن تم، فإنه يعطي الجمعيات الخيرية حصانة لا تعرفها أي جهة في الدولة، وتغل يد المشرع وتعطل عمل بقية أجهزة الرقابة في مساءلتها! وفي هذا الصدد، غرد الأستاذ المحامي عماد السيف: كنت حتى ساعة اطلاعي على بيان ما سمي باتحاد الجمعيات الخيرية أظن أن صاحب السمو الأمير، ووفقا للمادة 54 من الدستور، هو فقط الذي ذاته مصونة لا تمس! بمقتضى هذا البيان ستصان ذات الجمعيات الخيرية ولا تمس بموجب القانون! كما طالب الاتحاد بأن يشكل فريق المحامين ما يشبه «العصا الغليظة» التي سترعب وتهدد وتتصدى لكل من يسيء إلى جمعيات العمل الخيري، وإن فريق المحامين سيعمل تحت إشراف اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية، باعتباره ممثلا شرعيا للمؤسسات الخيرية، علما بأن جمعية الصداقة الإنسانية ليست عضوا في الاتحاد، ليس من باب الترفع، بل لقناعتنا بأن العمل الخيري ليس بحاجة لاتحاد، فنحن لسنا كنقابة سائقي التاكسي أو مركبات الشحن، وعملنا الخيري هو خير دفاع عنا، ومن يتعرض منا للإساءة فعليه اللجوء للقضاء، ولا حاجة لاتحاد أو من يحزنون. وكان معيبا ما ورد في بيان الاتحاد من أن «محامين شرفاء»، يشاركونه في تحقيق أهدافه، وهذا ربما يفسر بأن من لم يشاركهم ليسوا شرفاء! علما بأن هؤلاء المحامين لهم حق تلقي أجر مقابل عملهم، كما ورد في البيان.

***

من المتعارف عليه نقابياً ان الاتحادات هي تكوينات تفويضية ضمن مؤسسات المجتمع المدني تُنظم شؤون المهنة وتطورها وتدافع عن حقوق المهنيين او العاملين فيها. وعادة ما يكون هذا الدفاع اما في مواجهة الحكومة أو أصحاب رؤوس الأموال. وبالتالي كان غريبا تصرف الاتحاد، وكأنه نقابة قصابين أو سائقي سيارة أجرة في شركة كبيرة. فهم يطالبون بـ«شحذ الهمم»، والرد قضائيا على ما يصيب أعضاءه، كأفراد ومؤسسات من اتهامات. وكان طريفا تزامن صدور بيانهم مع صدور حكم بسجن رئيس جمعية خيرية ثلاثة أشهر مع النفاذ وتغريمه 2000 دينار لقيامه بمساومة امرأة محتاجة مقابل الخروج معها، وتحريضها على الفسق والفجور، فهل سيتبرع الاتحاد في هذه الحالة أيضا بالدفاع عن «عضو الاتحاد»؟ ولو افترضنا أن سمعة أعضاء الاتحاد اليوم لا تشوبها شائبة، وهم نخبة النخبة، وجرى تبعا لذلك تحصينهم من أي مساءلة أو رقابة او إشراف مستقبلا، فما الضمان بأن نفس «نوعيتهم» ستحل محلهم مع الوقت ولن يسيطر الأفاقون على الجمعيات الخيرية ويعيثون فيها فسادا لإدراكهم بأنهم محصنون من اي مساءلة؟ خاصة ان التعويل على رقابة الشؤون أو مدقق الحسابات لا يعني الكثير؟ نعود ونكرر للمرة الألف، ككاتب ومواطن ورئيس لجمعية خيرية، بأننا على غير استعداد لتحصين أنفسنا من أي مساءلة، تطبيقا لقاعدة «لا تبوق... لا تخاف»! فإن كانت نوايا رؤساء الجمعيات الخيرية صافية، وهذا ما نتمناه، ولا رغبة لديهم في التغطية على أي مخالفات، فما المبرر بالتالي لطلب «الحصانة» من المساءلة؟ volume 0% وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top