مجلسنا.. والصراع العربي- الإسرائيلي

تلقت الجامعات الخاصة اقتراحا برغبة عدد من «نواب في مجلس الأمة» يتعلق بتضمين موضوع «الصراع العربي- الإسرائيلي» ضمن المقررات الدراسية! يعرف الصراع «بأنه حالةٌ تجد فيها الدول أو الجماعات أو الأفراد أنفسهم في موقف معين من موضوع ما. وقد يكون موضوع الصراع اختلافاً في الرأي أو على فكرة أو ملكية ثروة أو أرض، وكل طرف يسعى، مستخدماً مختلف الوسائل، لتأكيد حقّه. ويظلُّ الصراع مستمراً طالما لم يتوصل أطرافه الى حلٍّ مُرض لطرفيه.

***

لا أعتقد أن ما يجري على الساحة الفلسطينية- الإسرائيلية يسمى صراعا بالمعنى المفهوم، وإن وجد فهو صراع محصور بينهما، وعلاقة الدول العربية به تضعف يوما عن يوم، مع الاعتراف بأن سعي الفلسطينيين لاستعادة ما يؤمنون أنه حق تم اغتصابه منهم، لم يفتر كثيرا منذ ما يقارب التسعين عاما، وليس في الأفق ما يدل على أنه سينتهي قريبا، طالما هناك طرف يعتقد أن حقوقه ليست كاملة. هذه مسألة واضحة، ولكن ما هو غير واضح هو الطلب من الجامعات الخاصة في الكويت تدريس موضوع أو مقرر«الصراع العربي- الإسرائيلي». فلكي تكون المادة سليمة فإنها تتطلب كماً كبيراً من المصارحة والشفافية، والتي قد لا يتقبلها كثيرون، خصوصا المعنيين بالقضية. فماذا سيكون جواب أو رد الأستاذ عندما يواجه من طلبته بحقيقة وجود دول عربية تعترف بإسرائيل، ولها علاقات دبلوماسية وتجارية معها، وهناك سفارات ومكاتب تجارية في عدة عواصم عربية، هذا غير اعتراف منظمة التحرير وبعض كبريات الدول الإسلامية بها؟ وبالتالي، فإن الموضوع مربك بالفعل للجامعة التي ستدرّس هذه المادة وللطالب الذي سيدرسها. فالصراع مع إسرائيل شيء، وتخيل وجود صراع بين «كتلة» الدول العربية، أو حتى جزء منها، وإسرائيل شيء آخر، وهو أمر لا تتقبله الأمانة العلمية، خاصة في ضوء التحركات السرية والعلنية التي نسمع بها بين الآن والآخر، ومن أحدث مظاهرها ما تسرب عن زيارة ثلاثة وفود عراقية لتل أبيب، وغيرها من زيارات قام بها مسؤولون إسرائيليون لدول عربية، أبرزها لسلطنة عمان. وفي غياب أية رؤية أو استراتيجية عربية تتعلق بكيفية التعامل مع إسرائيل، فإن التطبيع مع إسرائيل سيتزايد، وسبق أن صرح وزير الخارجية القطري بأن كثيرا من الدول العربية تختار التطبيع مع إسرائيل قبل حل القضية الفلسطينية، وأنه لا يرى أن التطبيع الكامل مع إسرائيل سيحدث فرقاً. كما صرح نبيل شعث بأن هناك قرارات عربية وإسلامية تنص على عدم التطبيع مع إسرائيل دون التوصل إلى اتفاق بشأن القضية الفلسطينية، على أساس مبادرة السلام العربية وقرارات المجتمع الدولي، ولكن ما يحدث على أرض الواقع غير ذلك. وسبق أن قام نتانياهو بزيارة لسلطنة عمان، وهي ثاني زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي إلى مسقط، منذ أن زارها اسحاق رابين عام 1994. الخلاصة: أن ندخل في صراع مع الغير دفاعا عن حقوقنا شيء، وأن نتوهم أو نتخيل شيئاً ونقوم بتدريسه لطلبتنا في الجامعة شيء مختلف تماما.

أحمد الصراف 

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top