عبدالله النفيسي.. شكراً!

قام مقدم البرامج المبدع عمار تقي، من خلال برنامج الصندوق الأسود، بإجراء ما يقارب الثلاثين حلقة مع الأكاديمي والسياسي السابق عبدالله النفيسي. وسبق أن كتبنا مقالين عن بعض ما ورد في تلك المقابلات، المثيرة في غالبيتها، ولكن توقفنا بعد أن شعرنا إن «الجيلة زادت». مقال مبارك الدويلة (9 ديسمبر)، الذي رد فيه على أحد لقاءات «عمار تقي» مع النفيسي دفعتني للعودة عن قراري وكتابة هذا التعليق. يقول الدويلة: نقلت وسائل التواصل الاجتماعي بعضاً مما ذكره الدكتور عبدالله النفيسي في برنامج الصندوق الأسود، والنفيسي صاحب تجارب وخبرات، ومتمكن من التحليل السياسي، ويعتبر مفكراً ومنظّراً للجماعات الإسلامية المختلفة رغم ضعف التزامه التنظيمي مع بعضها. كما أنني عاصرته فترة، عندما كنا نمثل الإخوان المسلمين في مجلس 1985، وتشاركنا في اللجنة السياسية للجماعة آنذاك. وسبق أن أدار شباب الإخوان حملته الانتخابية في بيان ومشرف من الألف إلى الياء. ولكن النفيسي خرج وغيره بهدوء من الإخوان بسبب خلافات على طريقة التحقيق في قضية ما، إلا أنه انقلب تالياً على التيار، وكتب ثلاث مقالات في إحدى الصحف اليومية، يطعن في الجماعة وفي قيادتها، وهي التي حملته على أكتافها إلى قاعة البرلمان! ثم صمت النفيسي طويلاً، ربما نادماً، قبل أن يخرج ويسجل عدة حلقات من «الصندوق الأسود»، كانت في معظمها جيدة المحتوى والعرض حسب ما وصل لي، لكنها لم تخلُ من انتقاد في غير محله للتيار، حيث ذكر أنه (تيار الإخوان) مخترق من جهاز الأمن، وأن قيادته مجموعة بسطاء لا يدركون واقعهم السياسي! (انتهى الجزء الأول من كلام الدويلة). أولاً، السيد النفيسي قال أكثر من ذلك بكثير في حق الجماعة وقيادتها، ولكن الدويلة اختار تجاهل ذلك. فما ورد على لسان النفيسي بحق الإخوان كان مسيئاً لهم بالفعل، حيث قال حرفياً: جميع الجهات الإسلامية في الكويت مخترقة، وعلى كل الأصعدة، وأعداد غير قليلة من أعضائها يتعاونون مع الأمن. كما أن قرار الإخوان يكمن لدى شورى النقباء، والمكتب التنفيذي، أما هؤلاء (القيادة التي نراها)، فكلهم ناس مساكين وأنا أرثي لحالهم، فهم متواضعو الثقافة و«النشأة والمنشأ» والتجربة! وهم أخذوا القيادة بالأقدمية وعاجزون عن استيعاب الواقع في العالم والكويت على كل المستويات! من كل ذلك نرى أن الدويلة ابتسر كلام النفيسي، لما تضمنه من كلام صريح ومسيء في حق الإخوان، فهل هذا الابتسار من شيم الإخوان؟ يعود الدويلة في رده مذكراً النفيسي ومتفاخراً بأن الحزب، الذي وصفه بأنه يدار من بعض البسطاء، تمكن من فرض نفسه على الساحة السياسية منذ دخوله المعترك، وأن من يصفهم بالبسطاء كانوا مشاركين ومؤثرين في الحياة السياسية طوال الأربعين عاماً الماضية، كان النفيسي غائباً فيها عن الساحة.. إلخ. أولاً هذا التفاخر لا معنى له طالما أن الجماعة مخترقة على جميع المستويات، فمشاركتها في الحكومة في هذه الحالة كان، طوال أربعين عاماً، مخططاً لها حكومياً. كما أن السلطة هي التي سمحت لهم بالتمدد، والسيطرة على المناهج والمدارس والكليات، وجمع ما شاؤوا من أموال التبرعات، ولم توقفهم يوماً عند حدهم، لأنها كانت تستعين بهم وتحركهم وتوجههم بالطريقة التي تلائم أهدافها. وبالتالي فتفاخرهم بالوصول الى مركز القرار لا معنى له، فضعفهم البنيوي والفكري والحزبي، الذي كشفه أو فضحه من كان يوماً جزءاً منهم، يعني أنهم كانوا دوماً أدوات ومسيرين. وهم بغير دعم الشارع، الذي مهدت له الحكومة طوال عقود، لا يمثلون شيئاً على الأرض. volume 0% أما المعارك التي يفتخر الدويلة دخول الإخوان فيها وانتصارهم فيها، وقضائهم على المؤامرات والأقاويل والإشاعات، وصراعهم حتى مع بعض القوى الإسلامية، فهو أيضاً كلام لا معنى له، وما كان يتحقق لولا دعم وتبني السلطة التام لهم وتبنيها المستمر لمطالبهم، وبغير ذلك الدعم كانوا سيصبحون «لا شيء» بعد التحرير. أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top