جريمتي في الأكياس

تعتبر المواد البلاستيكية التي تستخدم في الخدمة الغذائية وفي صناعة أكياس البلاستيك، بمئات أشكالها واستخداماتها، مادة لا تفنى ولا تذوب. كما أنها تلوث البحار والأنهار، وتتسبب في قتل الأحياء المائية، وتدمر المحميات البحرية والشعاب المرجانية، وتقتل السلاحف والدلافين وبقية الكائنات البحرية متى ما تم بلعها. وبالتالي، حذّر الكثيرون من مخاطر المنتجات البلاستيكية. وسبق أن كتبت عدة مقالات مطالباً بالحد من استخدامها وفرض رسوم عليها بحيث يضطر المستهلك أو المشتري لأخذ أكياسه القماش معه عند التسوق. وقد زاد في الفترة الأخيرة استخدام الأكياس الورقية بكل أنواعها. كما وصلت الحال ببعض المجتمعات والدول إلى وقف إنتاج أو استخدام الأكياس البلاستيكية في التسوق. ولكن للموضوع جانباً آخر يستحق الحديث عنه. تعتبر أكياس التسوق البلاستيكية من اختراع المهندس السويدي ستين غوستاف ثولين sten gustaf thulin، وكان ذلك في أوائل ستينات القرن الماضي. وكان إنتاجها في حينه شيئاً جميلاً، فهي أفضل وأنظف وأكثر أناقة وخفة من كل ما عداها من وسائل حمل المشتريات من الأسواق، من ورق لف اللحمة، وأكياس لف السمك والخضار والفواكه إلى الملابس وغيرها، فقد كانت عملية نقل المشتريات من أي محل مزعجة وغير نظيفة ولا صحية، وكل هذه الأمور تم حلها باختراع كيس البلاستيك. ولكن مع الوقت وإساءة الاستخدام، اضطرت دول عدة إلى حظر استخدامها لتأثيراتها السلبية على البيئة، فما الحل؟ هل تجب العودة لاستخدام أكياس الورق مثلاً؟ أم نلجأ لأكياس القماش، المتعددة الاستخدام؟ هذه جميعها حلول غير عملية، وأيضاً ضارة بالبيئة. فالعودة لاستخدام الأكياس الورقية يعني قطع مئات ملايين الأشجار سنوياً لتوفير مادة صنع الأكياس الورق، كما أن هذه الأكياس غير ملائمة أو قوية بما يكفي لحمل المواد الثقيلة أو الرطبة كالفواكه والأسماك. ويصعب اقتصادياً صنع مسكات لها. كما أن استخدام الأكياس القماش به مضار تتعلّق بما يعلق بداخلها من ميكروبات، ويتطلب الأمر غسلها بين الحين والآخر. وفي المعدل، يستخدم كيس الورق ثلاث مرات، ويرمى. ويستخدم كيس القماش لعشرات المرات. أما الكيس البلاستيك، فيمكن استخدامه لأكثر من 130 مرة. وبالتالي، المشكلة لا تكمن في سوء استخدام الكيس البلاستيك، بل في رفض تدويره وإعادة استخدامه لعشرات المرات، حيث نرفض ذلك غالباً، ونرمي الأكياس في سلال القمامة، ولا نتعامل مع المخلفات بطريقة علمية من فرز وإعادة تدوير، كما أن دفن هذه المواد بطريقة علمية يمكن أن يساهم كثيراً في إنقاذ بيئة كوكبنا المسكين. volume 0% this ad will end in 6 وعليه، فإن المشكلة تكمن في ثقافة المجتمع أكثر منها في منع أو السماح باستخدام أكياس الورق أو البلاستيك. علماً بأن ما يسري على الأكياس البلاستيكية، التي يمكن استخدامها لمختلف الأغراض لعشرات المرات، لا يسري بالضرورة على بقية الأوعية والعبوات البلاستيكية، كالحاويات والقناني والمعالق والشوك والصحون البلاستيكية وغيرها الكثير، فهذه ضارة فعلاً بالبيئة، ولا يمكن عادة إعادة استخدامها إلا إذا تم تدويرها صناعياً.

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top