الرحمة مع الغرامة الكنسية

أدلت السيدة أسيل المزيد، المديرة في الهيئة العامة للقوى العاملة، بتصريح تعلّق بغرامة المئة دينار التي فرضتها الهيئة على الكنيسة الكاثوليكية بسبب فشل الأخيرة في الالتزام بنسبة العمالة الوطنية المطلوبة. وقالت المزيد إن قرار الغرامة جاء منسجما مع قرارات مجلس الوزراء، على الرغم من علم الهيئة بعدم توافر رجال دين مسيحيين كويتيين للعمل في الكنيسة! من المهم التأكيد هنا على صحة قرار الهيئة في ما يتعلق بفرض غرامة على الكنيسة الكاثوليكية، على الرغم من علاقتي الطيبة مع راعي الكنيسة ورعيتها. فالهيئة جهة تنفيذية، وليست تشريعية، وهي تطبّق قرارات الحكومة، وبالتالي لا تلام على ما قامت به. في كل دول العالم تقريبا لدور العبادة مكانة خاصة، والكثير منها تعفى أمواله من الضرائب. وتستفيد الدول والمنظمات الإسلامية من التسهيلات التي تقدمها الدول الغربية، والأوروبية بالذات لدور العبادة، خصوصا في ما يتعلّق بتراخي بنائها أو بالجهات المرتبطة بها من مدارس ومعاهد وإعفائها من شروط كثيرة تتعلّق بالإقامة والبلدية، وبالتالي من الضروري مبادلة تلك الدول بالمثل، وقيام مجلس الوزراء بإصدار قرار طال انتظاره يتعلّق باستثناء كل دور العبادة من نسبة العمالة، على الأقل في الوظائف العليا المتعلقة بالعبادة، والطقوس الدينية. أما بخصوص ما ذكرته السيدة أسيل عن علمها باستحالة توافر رجال دين مسيحيين للعمل في الكنيسة فهو تصريح غير سليم، فهناك أكثر من مئتي مسيحي كويتي، والقس عمانويل غريب، راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في الكويت، أحد هؤلاء. وحتى لو توافر لدينا كويتيون مسيحيون، فإن قلة عددهم لا تضمن مَن يمثلون كل الطوائف بينهم، وإن وجدوا فقد لا يكونون على استعداد للعمل بالكنيسة للعديد من الأسباب. وإن وجد مسيحيون كويتيون بيننا، فماذا على اتباع الديانات الأخرى؟ وعليه، نجد من الضروري صدور قرار عاجل باستثناء دور العبادة، ولأي طائفة او دين انتموا، من شروط الالتزام بنسبة العمالة الوطنية، مع إعطائها مهلة لتوظيف عمالة وطنية خلال فترة معيّنة في الوظائف الإدارية البسيطة، وبالتالي نحقّق للطرفين مبتغاهم. إن التعاون والتعاطف مع المؤسسات الكنسية ليسا بالغريبين على الكويتيين. فقد قام عدد منهم، وبينهم حاكم الكويت الراحل، الشيخ أحمد الجابر، في بداية القرن الماضي، بتقديم مختلف أنواع المساعدة للكنيسة الإنجيلية الأميركية، سواء في تأسيس ابرشيتهم، التي لا تزال قائمة وتدار بأيد وطنية، أو بتأسيس المستشفى الأميركي تاليا. كما شارك آخرون في تقديم المساعدة لمثل هذه الأعمال الإنسانية. كما لم يتردد حينها الكثير من المواطنين في الالتحاق بالفصول الدراسية التي اقامتها الكنيسة وتعلم الإنكليزية وبعض العلوم الأخرى فيها. لكل هذه الأسباب نتمنى سرعة تحرّك مجلس الوزراء في استثناء دور العبادة من شروط هيئة العمالة، فإنسانيتنا تتطلب منا ذلك.

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top