«المافيا الكويتية» ومركز الجليب

تستقدم الكويت غالبية عمالتها المنزلية وغيرها من الفلبين، وأقل من ذلك بكثير من الهند وأفريقيا. وعندما افتعل الرئيس الفلبيني دوتيرتي وضع مواطنيه في الكويت وهدّد بسحبهم فورا، إن لم تتحسّن طريقة معاملتهم، فقد أربكت تصريحاته الكويت بسبب الحجم الكبير للعمالة الفلبينية، وأهمية دورها، ولمواجهة التهديد مستقبلا، أوعزت الجهات المعنية لمكاتب جلب العمالة للاتجاه لدول لم يسبق التعامل معها، لعدم الاعتماد بشكل كامل على مصدر أو اثنين من العمالة، وهكذا ذهبت جحافل المتاجرين بالبشر، ومن دون تنسيق أو رقابة حكومية لدول أفريقية، مثل بوروندي ورواندا ومدغشقر ومالي والكاميرون وساحل العاج، والكونغو، وجميعها لا توجد لها سفارات في الكويت حتى تهتم بأوضاع عمالتها. تبيّن بعد فترة، لم تطل كثيرا، أن وعود بعض مكاتب جلب العمالة في ما يتعلق بالراتب وظروف العمل لم تكن واقعية، فحدثت صدمة أدت إلى نشوء خلافات حادة بين العاملات الجديدات وكفلائهن، ولجوء عدد كبير من العاملات إلى مراكز الإيواء الحكومية؛ طلبا للمساعدة في تحصيل رواتبهن، أو إعادتهن لأوطانهن! وهنا امتنع الكفلاء عن دفع أي شيء، لأنهم سبق أن دفعوا الكثير لجلب العاملات من رسوم المكتب وتذكرة السفر وغير ذلك، وبدوره رفض مكتب العمالة تحمّل المسؤولية، ولم يكن بمقدور الحكومة إعادة كل وافد ينشأ خلاف بينه وبين كفيله لوطنه، غالبا لوجود قضايا تتعلق بحقوق كل طرف، وبالتالي اضطرت الجهات المعنية الى توسعة مراكز الإيواء لاستضافة المئات من الحالات، التي تطول إقامتها أحيانا لبضعة أشهر، على الرغم مما يتسبّب فيه وجودها من إساءة الى سمعة الدولة. وعلى الرغم من ظروف المعيشة الجيدة في مركز جليب الشيوخ للإيواء، التي وفرتها لهم الهيئة العامة للقوى العاملة، فإننا لاحظنا من خلال زيارتنا للمركز أن الملل يكاد يقتل نزيلاته، فقمنا بالتالي في «جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية، بزيارة تفقدية ثانية لمركز الإيواء في الجليب، الذي ربما لا يعرف عن وضعه أو حتى موقعه محافظ المنطقة شيئا، ونتمنى قيامه بزيارة له والاهتمام بوضعه، خصوصا من الخارج، وسهّلنا سفر الكثيرات من نزيلاته العاملات، للعودة الى أوطانهن، وشراء تذاكر السفر لهن على حساب الجمعية، بعد موافقة الجهات المعنية، التي كانت متعاونة معنا تماما. كما قمنا باسم «جمعية الصداقة» بشراء وإهداء مجموعة من المعدّات والألعاب الرياضية كطاولات «البنغ بونغ»، وغيرها للمركز، الذي يتجاوز عدد نزيلاته أربعمئة فتاة، بغرض مساعدتهن على قضاء وقت ممتع ومفيد لحين الانتهاء من حل مشاكلهن. وخيرا فعلت وزارة الداخلية بقرارها وقف جلب العمالة من الدول الأفريقية التي ذكرناها أعلاه، إضافة الى عدد آخر منها؛ كجيبوتي وأثيوبيا وكينيا وأوغندا ونيجيريا، والسنغال.. وغيرها، إلا بشروط صارمة. نعتقد أن من الضروري، حفاظا على سمعة الدولة، وضع أنظمة صارمة وواضحة للسيطرة على «مافيا» مكاتب الخدم، فقد أساء بعضها الى الكويت كثيرا، ويجب أن تتحمّل مسؤولياتها عند فشل عملية التعاقد، وعليها تقع تسوية الأمر بين الكفيل والعامل، وإعادة الأخير لوطنه على حسابها. ومن جهة أخرى، قامت جمعية الصداقة الكويتية، من منطلق دورها الإنساني، بتسهيل عودة مجموعة كبيرة من العاملات اللاتي صدرت أحكام إبعاد بحقهن، وشراء تذاكر سفر لهن ولأطفالهن، مع بعض الهدايا.

أحمد الصراف.



الارشيف

Back to Top