يوم دفع الداعية 4200 دولار لكولومبوس

من الأمور المضحكة، والمثيرة للسخرية، ما يمارسه المتشددون دينيا من تناقض في حياتهم. فهم دائمو الانتقاد للغرب وثقافته وطريقة عيشه، ويحذرون الشباب من اتباع ثقافتهم أو التشبه بهم، ولكن ما أن تلم بأحد هؤلاء المتشددين وعكة حتى يهرع لديارهم، وهذا يشمل رجال كل الفرق الدينية. كما نلاحظ هذا التناقض عند رغبتهم التأكيد على صحة أمر أو قول ما، حيث نجدهم يستشهدون بالمراجع الغربية ومختبراتهم وعلمائهم، وغالبا ما يكون الاستشهاد كاذبا، فكم من مختبر غربي أكد وجود الدواء في جناح الذبابة. وحتى عندما يتطلب الأمر الحصول على شهادة مرموقة، فإنهم ينجذبون انجذاب البراغش للضوء الى مؤسسات تعليمية ذات رنين مثل أثينا الأميركية وكولومبوس والأميركية العالمية للتكنولوجيا.. وهكذا! وعندما انكشفت فضيحة الشهادات الوهمية، وتبين أنه لا توجد مثلا جامعة في اميركا تعطي شهادات دكتوراه في الدراسات الإسلامية، مثل جامعة كولومبوس، وهي نفسها التي كشف البرنامج الأميركي الشهير «60 دقيقة» حقيقتها في إحدى حلقاته، وكيف اصبح من هم وراءها في السجن بجرائم إصدار الشهادات المزيفة، التي منحت إحداها لكلب، من دون علم الإدارة، وهي الجامعة نفسها التي نقل عنوان مكتبها من ولاية لأخرى، بسبب طردها لسوء سمعتها، بعد ملاحقة مكتب التحقيقات الفدرالية لها، والتي قدمت شهادات في تخصصات علمية كثيرة، مع أنه ليس لديها أي أستاذ مؤهل لمنح الشهادات الأكاديمية غير «شانون أوبراين»، التي سبق أن منحت نفسها شهادة «دكتوراه» من نفس الجامعة، ووزعت ما يماثلها في الوقت نفسه على مئات «الدكاترة» المزيفين، وكان تسليم بعض هذه الشهادات يتم لحملتها الشرفاء في دبي، مقابل دفع 4200 دولار. وعندما انكشف أمر هذه الجامعة قام رجل الدين السعودي خالد الخليوي بحرق شهادة الدكتوراه التي يحملها من جامعة كولومبوس علناً أمام المصلين، لزيفها، استجابة لحملة كشف حاملي هذه الشهادة في السعودية. أما أشهر من يحمل الدكتوراه من هذه الجامعة في الكويت فهو داعية متشدد، لم يقبل على نفسه الاقتداء بالخليوي وغيره، الذين أقروا بزيف شهاداتهم، بل أخذته العزة بالإثم، وقام بتسجيل مقطع وبثه على اليوتيوب، ذكر فيه أنه حصل على شهادته من أميركا في الشريعة، وباللغة العربية، وان الشهادة مصدقة من «الجهات المختصة».. وكذلك مصدقة من «دولتنا» في الكويت.. ولكن هذه الشهادة لم تتم معادلتها في وزارة التعليم العالي..! وطبعا تواضع مستوى تعليمه الحقيقي لم يسمح له ملاحظة التناقص في حديثه، وكيف تصدق شهادة من دولتين ولا تعادل في إحداهما؟ وكيف تصدر جامعة أميركية شهادة في الشريعة بالعربية؟ وهناك قصص كثيرة عن مثل هذه «الجامعات»، يروي احداها محمود سفر، وزير الحج الأسبق، ومحمد الرشيد، وزير التعليم السعودي الأسبق، حيث ذكر الأول أنه أرسل وفدا إلى أميركا لغرض التأكد من بعض الجامعات، فوجد أن مكتب إحداها لا يزيد على غرفة، وشهاداتها معروضة ببلاش تقريبا. ومن هذه «الجامعات» المُزيَّفة التي شاع ذكرها والتهافت عليها منذ سنوات «كولومبوس»، التي تعد من أشهر أوكار الخداع، وعلى من يحملها الإعلان جهاراً عن تخليه عنها، فهل يفعلها حامل المصباح؟! أحمد الصراف.



الارشيف

Back to Top