السيدة صفاء.. نحن معك

أعترف بأنني لا أميل لأسلوب حديث النائبة صفاء الهاشم، ولا أرتاح لمواقفها السياسية، وشكي في استفادتها، كغالبية النواب، من الرضا الحكومي، والذين ينطبق على غالبيتهم المثل الكويتي «الذيب ما يهرول عبثا»، أي إن وراء غالبية انتقاداتهم واستجواباتهم للوزراء ربما مصالح وحسابات تتجاوز أهداف الأدوات الدستورية المتاحة لهم.
كما أن موقفها من الوافدين يتعارض تماما مع موقفي، وما سبق أن بينته من أن الوافد سيرحل متى ما أوجدنا المواطن الراغب في أن يحل محله، سواء في مهام إصلاح مصافي البترول ومحطات تقطير المياه، تحت درجات حرارة تقارب الستين، أو في مئات المهن الشاقة الأخرى التي يستنكف «المواطن» السوبر، وحتى ما دون ذلك بكثير، القيام بها.
ولكن هذا لا يعني قبولنا بما تعرضت له مؤخرا من هجوم غير مقبول ومقذع ومسيء، فهي تبقى مواطنة ونائبة في البرلمان، ويعطيها منصبها، وقوانين البلاد، الحق في قول ما تريد، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء. وبالتالي كان مقلقا ما صرحت به من استلامها لرسائل عبر «الواتس اب» تضمنت عبارات مسيئة وسبا في حقها، وتضمن بعضها تهديدات بالقتل.
هنا نتوقف ونضع خلاف الرأي معها جانبا، ونؤازرها ونؤيد حقها في إبداء وجهة نظرها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بسبب هذه الحساسية الشديدة التي تشعر بها مصر، أو وسائل إعلامها، تجاه أي نقد او تجريح أو اعتداء يقع على اي من مواطنيها، علما بأنها لا تبدي مثل هذه الحساسية، وحتى قريبا منها، مع أحداث تقع أو تصريحات مماثلة تقال في دول كثيرة أخرى، فلماذا التركيز الشديد علينا، بحيث تطلب الأمر في إحدى المرات قدوم وزيرة العمل المصرية إلى الكويت ربما للتدخل في مجرى التحقيق في حادثة مشاجرة أو اعتداء مواطن كويتي على بائع مصري؟
إن استعداد الحكومة المصرية لعدم التهاون مع أي حادثة اعتداء تقع على مواطنيها أمر مفهوم، ولا خلاف عليه، ولكن للحساسية المفرطة مضارها، ومصر عزيزة علينا ولكن الكويت معزتها وكرامتها عزيزة أكثر.
لقد قاربت أعداد المصريين في الكويت السبعمئة ألف، وهذا يقارب نصف عدد الكويتيين، وهو أمر مقلق حقا، فعدد أي جالية، دون استثناء، يجب ألا يزيد على %25 من عدد السكان الأصليين، ولكن هذه قضية اخرى.
هذا العدد الضخم هو سبب هذه الحساسية، فمصر لا تريد أن يتأثر العدد أو يتوقف تصاعده، وبالتالي تبدو دائما على استعداد للقيام بأقوى ردات الفعل تجاه أي حادث يتعرض له اي مصري، وما تعرضت له النائبة صفاء من شتم وسباب شبه موجه، وأركسترالي، دليل على أن المسألة بالنسبة لهم جدية وغير قابلة للتفريط بها، ليصل لدرجة الإرهاب، وكأن لسان حالهم يقول: من يتعرض لنا بكلمة نرد عليه بألف.. ونسكته، وهذا غير مقبول مطلقا.
نصيحة نقولها للمسؤولين في مصر، ووسائل إعلامها: اتركونا والاخوة المصريين لشأننا. تدخلكم يضر بنا وبكم، ويشجع السفهاء على تأجيج خلاف لن يكسب منه إلا أعداء الطرفين.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top