لماذا يفضل البعض حكم طالبان؟

يقولون ويكررون، وهم صادقون في مشاعرهم، ان عصابة طالبان أصبحت تسيطر على ما يقارب %70 من أفغانستان، ليس لشراستهم في قتال أعدائهم فقط، بل غالبا لما يتبعوه من طرق في الفصل في النزاعات بين الناس. فمحاكمهم المسماة بالشرعية تحكم في أي قضية بنفس اليوم، ولا يخرج الجاني من المحكمة إلا وقد ناله ما ناله من ضرب وجلد، في الوقت الذي تستغرق فيه نفس القضية في محاكم المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة سنوات طوالا!
لا نشك في سلامة نية، وايضا سذاجة من يميل الى هذا النوع المتخلف من المحاكم، وهذه الطريقة في إصدار الأحكام التي لا يمكن التحقق من صوابها، هذا بخلاف أنها تصلح، إن صلحت أصلا، لنوعية معينة من القضايا، ولا ترقى الى تعقيدات الحياة اليومية في الدول المتحضرة. وسلامة نية مؤيدي هذا النوع من المحاكم يعود أساسا الى تجاربهم المريرة مع المحاكم في دولهم، التي تبقى أو تؤجل القضايا فيها شهرا بعد آخر، وسنة بعد أخرى، قبل صدور حكم نهائي.
توق الناس الى العدالة لن يتوقف، فهذا من ضرورات الحياة، فالبشر ليسوا على نفس الدرجة من القوة والذكاء والمعرفة، وبالتالي من الطبيعي أن يستغل طرف الطرف الآخر. ولكن العدالة لا تعني الكثير إن أتت متأخرة، ومن هنا نطالب وزير العدل، الذي يبدو أنه يبذل الكثير لتطوير العدل والأوقاف، بأن يستمع لأصوات المطالبين بإصلاح وزارة العدل لتكون اسما على مسمى. فلا يقبل المنطق ولا تقبل العدالة مثلا أن تتقدم أسرة بطلب وضع «حجر» على عائلها لعدم أهليته التامة، ويستغرق صدور أمر بتشكيل لجنة طبية للنظر في حالته ستة اشهر مثلا، هذا غير تكليف الكثير من الرسوم والمصاريف! فإذا كان هذا حال مثل هذه القضايا الشديدة البساطة فما هو حال القضايا الشائكة؟
إن فقد الإنسان لأهليته في التصرف يوقف كل أعماله، ويغل يده فإن كانت لديه مصالح وارتباطات وعقود فإن العمل بها يتوقف لحين صدور حكم بتعيين وصي عليه، وكلما تعطل صدور الحكم تعقدت أكثر القضايا التي يكون طرفا فيها، وتعطلت مصالح الغير معه، ممن لا ذنب لهم في الأمر.
إن عمل وزارة العدل مهم وخطير، والوزارة تحت يديها كل الإمكانات المادية والفنية، وتعمل بها كوكبة من أفضل الرجال والنساء الذين على استعداد لبذل الكثير في سبيل تطويرها، والقضاء على شكاوى الجمهور، ومعالي الوزير لا يحتاج الى إعادة اختراع العجلة فالأفكار موجودة والخلل معروف، ولو استمرت عملية إصلاح وتطوير الجهاز المساند للقضاء، التي بدأها قبل سنتين تقريبا وزير العدل السابق الأستاذ يعقوب الصانع، لكنا في حال افضل، والتي أوقفها من جاء بعده، ولا أدري كيف يمكن أن يوقف وزير عملية إصلاح جادة، ولا يأتي بشيء آخر أو أفضل.
وبهذه المناسبة، ذهبت قبل ايام الى نيابة جرائم النشر الإلكتروني بناء على استدعاء سابق في قضية تتعلق بمقال لنا نشر في القبس الإلكترونية، وحزنت للوضع السيئ والمتهالك للمبنى الواقع في منطقة ميدان حولي، الذي لا يصلح بالفعل لأن يكون مقر عمل لأساتذة كبار، ومن أفضل وكلاء النيابة. فتصميمه بدائي وسيئ بالفعل، وحماماته العمومية تقع في قلب الصالة التي تطل عليها مكاتب وكلاء النيابة، فقد طالت الرطوبة أسقف الحمامات وأرضياتها، ومداخلها. ونتمنى على الوزير الفاضل النظر في معاناة العاملين في هذا المرفق المهم والمراجعين من أمثالنا؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top