لا تجعلوا المنفوحي وزيراً

كنت أعمل في أحد المصارف عندما اخبرني عميل بأن له علاقة بمتنفذ، وشقيق لمن سبق وتورط في قضية نفطية شهيرة بعدها بسنوات، وكان ذلك في بداية سبعينات القرن الماضي. وعرض علي الدخول معه في استغلال الأرض الكبيرة التي منحت للمتنفذ لتشوين مواد البناء فيها، بعد فوزه بمناقصة كبيرة. وقال إن منطقة التشوين تزيد كثيرا على حاجة المشروع من إقامة الخلاطات ووضع معدات الرصف، وتخزين مواد البناء، وغير ذلك، ولكني رفضت العرض، بكل سرور، لعدم قانونيته. جاء العميل بعد فترة وأخبرني أنه حقق ربحا من المشروع وأنني خسرت الكثير! وقال إنه دخل في شراكة مع المتنفذ، وأنهما قاما بتحويل المنطقة التخزينية للاستعمالات التالية، خلاف كونها منطقة تشوين: قاما أولا بتأجير أجزاء من الأرض لتخزين مواد بناء لآخرين عليها. وقاما ببناء ما يشبه الفندق، من الدرجة «صفر» من الكيربي لسكن عمال المشروع ولغيرهم من عمال المشاريع المجاورة. وفتحا مطعما لخدمة عمال المشروع والمشاريع القريبة منه. وافتتحا كراج تصليح مركبات وآليات. وحوّلا سيارات نقل خربة الى بقالات المشروع، أحدها بحجم سوبرماركت صغير، وقاما ببناء مصنع طابوق، وحولا ما تبقى من الأرض الى استعمالات مختلفة.
وقال انهما قاما بتوصيل الكهرباء والماء الى كل هذه الأنشطة من مصادر الدولة، وببلاش. كما لم يدفعا فلسا مقابل استخدام الأرض. وبسبب وضعها كمنطقة تشوين فقد زاولت كل الأنشطة أعمالها من دون تراخيص تجارية أو صحية، ومن دون كشف طبي على العمال.
وهكذا نرى أن سوء استغلال البعض لمناطق أو أراضي التشوين التي تمنحها البلدية لأصحاب المشاريع الكبرى، مشكلة قديمة، ومتجذرة، وكنت أعتقد انه لا نهاية لها، وفوجئت قبل ايام بقراءة خبر قيام البلدية، وبأوامر مباشرة من مديرها العام المهندس أحمد المنفوحي، ضمن جهوده الاصلاحية وسعيه للحفاظ على المال العام، وفي ضربة لأكبر ملفات الفساد والاستحواذ على أراضي الدولة، باتخاذ إجراءات مشددة ضد العابثين بملف أراضي التشوين، وإحالة بعض العاملين في الجهاز الرقابي في البلدية الى التحقيق، ربما لتقاعسهم وفشلهم، لأسباب معروفة، في الإبلاغ عن تلك المخالفات الجسيمة وجار تفكيك ملف استغلال أراضي الدولة الخاصة بالتشوين، والتي اسيء استغلالها من قبل افراد وشركات، ونتمنى الكشف سريعا عمن يقف وراء تخصيص هذه الأراضي تمهيداً لإجراء التحقيقات واحالة المتورطين إلى الجهات القانونية.
وقد تم الكشف عن هذه السرقات العلنية بعد أن أصدر المهندس أحمد المنفوحي قراراً بإزالة جميع المباني المقامة على أملاك الدولة خارج خط التنظيم، وهنا تبين جليا الحجم الهائل لهذه التجاوزات.
المسألة معقدة جدا، والأسماء المتورطة كبيرة، وعدد المخالفات يقارب المئتين، السرقات بعشرات ملايين الدنانير، كما أن في الأمر شكوكا قوية بتورط البعض في سرقة المياه الجوفية.
وبعد كل هذا هل نلام إن طالبنا ببقاء المنفوحي مديرا عاما للبلدية، وعدم توزيره، فوجوده في منصبه أهم وأكثر فائدة لوطن أهلكه نهش الثعالب والذئاب في لحمه.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top