الوقيان الكبير والنشمي

لا تحذف «الدال» لا خوفٌ ولا وجلُ
سينقضي الامرُ والاحوالُ تعتدلُ
زوابعٌ من ضجيج ثُمَّ جعجعةٌ
وليس ثَمَّ طحينٌ بعدُ يُنتخلُ
هذي بلادٌ بها التزويرُ فلسفةٌ
والغشُّ مفخرةٌ والكذبُ والدجلُ
فاحزم أموركَ واذهب كلّ ناحيةٍ
وهات «دالكَ» واسلك دربَ مَنْ وصلوا.
هذه أبيات جادت بها قريحة الشاعر الأستاذ خليفة الوقيان.. ويا خوفي لو تحقق في المستقبل القريب ما تنبأ به.
***
كتبنا مرات عدة بأنه لا علاقة للعقائد الدينية بالأخلاق العامة، فمفهوم الأخلاق يختلف من منطقة إلى أخرى ومن شعب إلى آخر، والدليل على ذلك العلاقات الجنسية التي تأخذ حيزاً كبيراً من مفهوم الأخلاق لدينا، ولكنها لا تحمل نفس الثقل والأهمية لدى شعوب كثيرة أخرى. كما أن التزوير أو انتحال الشخصية أو الفخر والادعاء الباطل بامتلاك أمور أو قدرات خارقة لا تجد عادة لدينا من يدينها بقوة، أو ينظر إليها نظرة غير أخلاقية، بينما نجد أن الشعوب الأخرى تشمئز منها، وتعتبر من يقوم بها إنساناً كاذباً.. وهكذا.
كان لا بد من هذه المقدمة قبل الدخول في موضوع مقالنا هذا والمتعلّق بتسونامي الشهادات المزوّرة، التي وجدنا أنفسنا فيها، والتي تورط فيها بعض كبار الدعاة من رجال الدين.
ففي معرض الدفاع عن أحدهم ذكر السيد عجيل النشمي، صاحب فتوى عدم جواز خروج المرأة من بيتها، حتى للدفاع عن وطنها، قال إنه يعرف «فلان» الذي تعرض لهجوم بخصوص شهادته، وسبق أن صحبه في سفر وجالسه ووجده نعم العالم الطيب المعشر، وبالتالي هو يجله ويعترض على اتهامه زوراً وبهتاناً، وما يمس الشيخ يمسه هو أيضاً!
ونحن نتساءل هنا من الذي اتهم «رجل الدين» حامل شهادة الدكتوراه غير المعتمدة بأنه شرس المعشر، ومن الذي طعن في علمه وخلقه؟
ليس غريباً بالطبع أن يأتي الدفاع ممن ينتمي لنفس الحزب الديني، فهفوات من دافع لا تعد، ودفاعه عن «زميله» هو بمنزلة دفاع عن نفسه ومركزه وامتيازاته ومناصبه. وكان بودنا أن يدافع أيضاً عن الآخرين، من غير رجال الدين، فاتهام التزوير أو الحصول على شهادات غير معروفة أو معتمدة طال الكثيرين، ومع هذا لم يمدح صاحبنا إلا من هو على شاكلته، فهل من العدل أن نقف مع البعض وننسى الآخرين؟
لقد أخطأ الرجل في استخدام لقب أكاديمي مرموق لسنوات طويلة بناء على شهادة غير معتمدة، وصادرة من جامعة أميركية في الإمارات، حسبما ورد على موقعه. ثم ظهر في كليب فيديو، وقال إن شهادته من جامعة في أميركا، من دون ذكر اسمها، ربما لأنه «عورة»! فكيف تأتي أنت وتدافع عنه؟ أين الإنصاف في مثل هذا التصرف؟
نعود إلى أبيات الشاعر الكبير خليفة الوقيان، ونقول للمدافع عن نفسه وزميله إن الزمان قد يعود، فلا تحذف «الدال» لا خوفٌ ولا وجل.. سينقضي الأمرُ والأحوالُ تعتدلُ.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top