السعادة.. وطغاة البشرية!

عرفت البشرية الكثير من الزعماء الطغاة الذين اشتهروا بسفك الدماء، وكانت القلة منهم مصلحين، ككمال أتاتورك مثلاً، لكن عدد هؤلاء لا يذكر.
فقد كان هناك هولاكو ونيرون والحجاج وآلاف غيرهم، اما في عصرنا فقد عرف العالم ستالين، وهو الدكتاتور الدموي الوحيد تقريباً الذي مات في فراشه، ربما مسموماً، والذي تسببت حقبة حكمه في موت عشرات ملايين الروس، ومن يماثلهم من الأوكرانيين، وموسيليني في إيطاليا، ثم جاء هتلر، الذي يحمل الرقم القياسي العالمي في عدد من تسبب في قتلهم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. كما كان هناك دوفالييه في هايتي، والقذافي في ليبيا، وصدام في العراق، وفرانكو في أسبانيا، وبينوتشيه في شيلي، وشاوشيسكو في رومانيا، وبن علي في تونس، وموغابي في زمبابوي، بول بوت في كمبوديا، وماوتسي تونغ في الصين وعشرات غيرهم.
ليس الغرض من هذا المقال تعداد أو حصر طغاة أو دكتاتوري التاريخ، فهذه مهمة شاقة، والاسماء قد تكون محل خلاف، وقد يدخلنا ذلك في المحظور إن تطرقنا لمن هم أحياء، أو من يشكلون رموزاً لشعوبهم، او حكوماتهم، وهم أموات، فنعرض أنفسنا لتهم قد تودي بها إلى السجن في هذه الأجواء المشحونة، وهذا الضيق الحكومي بأي رأي، وتحت إرهاب قانون المرئي والمسموع، السيئ الذكر.
تذكرت كل هؤلاء وغيرهم، وبدأت في تخيل ما تمتعوا به من قوة وهم في السلطة، وما كانت تدخله اسماؤهم من رعب على قلوب معارضيهم، وأعتقد أن إصرارهم على التمسك بالسلطة كان ينبع غالبا من رغبتهم في التمتع بملذات الدنيا وما توفره السلطة من قوة ورهبة في قلب مالكها، ومن نشوة بالسيطرة على الغير والقدرة على تعذيب أعدائهم، وهم لا يختلفون هنا عن أولئك البشر العاديين الذين يسرفون في التمتع بالحياة دون حساب للعواقب، ثم يضطرون تالياً لدفع ثمن ذلك التهور وينتهي الحال بهم مرضى أو مقعدين، وهذا ما يحدث غالبا للطغاة الذين ينتهى الحال بهم إما أسرى قصورهم أو قتلى أو مطاردين، أو منفيين يعيشون حياة بؤس وهم في أرذل العمر. وكثيرا ما تساءلت عن معنى حياتهم، إن كانت النهاية بكل ذلك البؤس؟ فهل بامكانهم اجترار سابق ملذات حياتهم، وهو في تلك الحالة البائسة من الشقاء أو العزلة أو المرض؟ ماذا عن الكرامة والراحة النفسية، والسعادة بما أنجز وبمحبة الناس له؟
من العيب أن نكون أميين، لكن إن كنا عاجزين عن التعلم من أخطائنا أو اخطاء غيرنا، فالعيب أكبر، فالفشل بانتظار كل من لا يقرأ التاريخ ويتعظ.
لقد عرفت وصادقت وعاشرت العشرات من المعارف والأصدقاء، وكان بينهم من تمتع بثراء كبير، وآخرون بصحة جيدة، أو الاثنان معا، لكن قلة منهم فقط نجحت في المحافظة على صحتها أو التنمية والمحافظة على ثرائها.
إن دعوات البعض للاستمتاع بالحياة بالسهر والعيش طبقا لمقولة امرؤ القيس «اليوم خمر وغدا أمر» قد تكون بالفعل ممتعة…. في حينها! لكن ماذا عن الثمن الذي لا بد من دفعه تالياً؟!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top