كيف أصبحوا عظماء.. وبقينا؟!
عندما سألني الراحل سعود الدوسري، مقدم برنامج «نقطة تحول» من قناة «إم بي سي» عن أهم نقطة تحول في حياتي، أجبته أنها كانت يوم عملت في بنك الخليج في منتصف الستينات، من القرن الماضي. هناك وجدت نفسي في بيئة تختلف عن البيئة خارج جدران البنك، حيث كان للانضباط في العمل دوره في صقل شخصيتي، والتزامي بدقة مواعيد الحضور والانصراف وتسليم المعاملات، واعتبار الكلمة مقدسة.
وصلني فيديو ظهر فيه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وهو يلقى خطاب تدشين حملة «أمانة 2017»، فذكرتني كلمته بجملة أمور منها ما ورد في تلك المقابلة، ومنها أمور أخرى، فنحن لسنا فقط أفضل من غيرنا، بل أقل منهم بأشياء كثيرة، بعد أن خرَّبت الصحوة غير المباركة نسيجنا الاجتماعي وجمال مجتمعنا وتلاحمه.
أتذكر جيدا ذلك الربورتاج، أو التقرير الذي اطلعت عليه، في مجلة «ناشيونال جيوغرافك» عن ألمانيا، حيث ظهرت فيه صورة لآلة ضخمة وبجانبها طاولة تتكدس عليها علب هدايا بمختلف الأحجام والألوان، وكتب تحت الصورة بأن من يدير تلك الآلة رفض طلب زملاءه الاحتفال معهم بتقاعده، بعد أربعين عاماً من العمل الجاد، بحجة أن وقته ملك المصنع، وأنه على استعداد فقط للاحتفال بالمناسبة في نهاية «الدوام»، وليس خلاله! وهنا تذكرت أن من عادات شعوبنا وتقاليدهم أن الموظف الحكومي يتوقف عن أداء أي عمل قبل أسبوع من إجازته، ولا يعمل شيئا لأسبوع بعد عودته، وغالبًا للسلام على الوكيل أو مدير الإدارة!
وفي جانب آخر، أصدرت المحكمة العليا في لندن أمراً بمنع ترحيل احد طالبي اللجوء السياسي الأفغان، لكن وزارة الداخلية تجاهلت أمر المحكمة وقامت بترحيل الرجل. وهنا اعتبر قاضي المحكمة أن تصرف الوزارة يتضمن إساءة وازدراء للسلطة القضائية، وبالتالي قام بإمهال الوزارة 24 ساعة، ومن بعدها سيصدر أمرًا بحبس وزيرة الداخلية، وهنا سارعت الوزارة بإعادة الرجل من كابول، لتجنيب الوزيرة الحبس، وخلق أزمة بين الحكومة والسلطة القضائية!
أمور كهذه تجعل الشعوب تفتخر بسلطاتها.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top