نحن في المؤخرة
عندما تقرأ هذا المقال أكون في طريقي إلى الهند وتايلند لقضاء عطلتي الميلاد ورأس السنة، بعيدا عن تأثيرات وسطوة إخوان الشر.
***
يقول الصحافي الأميركي توماس فريدمان: عندما كنا صغارا، كانت أمهاتنا يطلبن منا ان نكون ممتنين، وأن نتناول الخضار على العشاء، وألا نترك شيئا منه، فهناك في الهند من يتضور جوعا. والآن أقوم بالطلب من أبنائي أن ينهوا واجباتهم المدرسية وأن يتفوقوا، فهناك في الهند أطفال سيصبحون رؤساء مجالس إدارات شركات لدينا في أميركا، ويجعلوننا عاطلين عن العمل.
تذكرت جملته تلك وأنا استمع لمقابلة مع أندرا نوي andra nooyi رئيسة شركة بيبسي كولا الأميركية، ثاني أكبر شركة أغذية في العالم، وكبيرة المديرين فيها، والتي ولدت في الهند عام 1955وهناك المئات من أمثالها، ومن هم أفضل وأرفع منها، خصوصا في شركات التكنولوجيا كأبل وأوراكل وغوغل، والاتصالات كموتورولا، والمصارف الكبرى، هذا غير إبداعهم في عشرات الميادين الأخرى، العلمية والفنية والثقافية، وجماعتنا لا يزالون يجلسون على قارعة الطريق، واصابعهم تعبث بفتحات أنوفهم، وهم يسخرون من الهنود، غير مدركين ان ما تمتلكه الهند اليوم من معلومات وبيانات علمية ومعطيات، التي تعتبر «نفط المستقبل»، يجعلهم الآن ومستقبلا في وضع تنافسي أفضل وأسرع في ميادين التعليم والتأمين الصحي، والترفيه، والصناعة المصرفية والتمويل وغيرها.
يقول فريدمان في مقاله عن الهند إن ما أثار اعجابه بشكل مثير للغاية ما قام به nandan nilekani عام 2009، عندما قاد، بطريقة سلسلة ودقيقة، حملة إصدار بطاقة مدنية لكل مواطن هندي، تتضمن معلومات اساسية عنه، بحيث وصل عدد من اصبح لديهم هويات، أكثر من مليار و300 مليون، وفي الوقت الذي لا تزيد فيه عدد بطاقات الهيئة المماثلة لها في الكويت عن خمسة ملايين بطاقة، إلا أن الازدحام أمام مكاتبها لا ينتهي.
الإعجاز يكمن في أن الهند لم يكن بها من يحمل هوية قبل 7 سنوات، إلا نادرا. وقرار الحكومة الثوري أتاح لمئات ملايين الهنود فرصة فتح حسابات في البنك، والحصول على جوازات السفر، وإيداع المعونة الحكومية مباشرة في حساباتهم، والحصول على الضمان الصحي وغير ذلك الكثير، وبالتالي اصبحت شركة aadhaar لإصدارات بطاقات الهوية في الهند أول شركة، خارج الولايات المتحدة، تكسر حاجز المليار مشترك.
من الصعب حصر فوائد هذا المشروع العملاق الذي قلب حياة مئات ملايين البشر بضربة واحدة، ويعتقد أن هذا النظام سيضيف ما مقداره تريليون دولار للاقتصاد الهندي للسنوات السبع أو العشر المقبلة.
كما أن الهند في طريقها قريبا لوقف اعتمادها على الفحم والغاز لتوليد الطاقة، وفي سبيل ذلك سعت لبناء حقول توليد طاقة نظيفة في مختلف الولايات، أما في الكويت فإننا الدولة الخليجية الأكثر تلوثا، ليس بسبب مصانعها، بل لفشل هيئة حماية البيئة، الذريع، في عملها!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top