لا تنخدع بالظاهر
يقول المثل: الغالي رخيص، والعكس صحيح.
في بداية تعاملي التجاري مع الصين قبل أكثر من ثلاثين عاما، كنت أثق كثيرا بما كان يقوله لي مدير أي مصنع. وكان الصدق في التعامل هو القاعدة. وبالرغم من أن مصنوعاتهم كانت تمتاز بالرخص، فإنها، وربما لا تزال أقل جودة من غيرها، ولكنك تحصل دائما على ما تدفعه من مال، دون غش ولا تلاعب.
بعد سنوات أصبحنا نلاحظ أن نسبة الغش أصبحت كبيرة، وفي تزايد. وفي آخر زيارة لي للصين ذكرت تلك الملاحظة لرئيس وصاحب شركة كبيرة، فأشار بإصبعه لي قائلا، أنت السبب، وعندما استهجنت ذلك، ضحك وقال إنه لا يقصدني، ولكنه يقصد «قومي». وكيف أننا لحوحون ونفاصل في السعر، ونطلب الأفضل، ولا يجدون أمام إلحاحنا إلا الرضوخ لطلباتنا، ولكن من خلال التلاعب في مقاييس البضاعة!
مع الوقت اصبح التلاعب في جودة البضائع الصينية، خاصة المأكولات المعلبة والملابس، ظاهرة شبه عامة، خاصة أن من الصعب تصديق ما هو مدون على العلب والملابس من تعليمات تتعلق بالمحتويات أو بالمواد التي استخدمت في صنعها، وخاصة بعض الملابس.. فالمصنع يقول مثلا انها قطنية %100، إلا انها لا تتشرب بالماء عند غطسها فيه، وكأنها قطعة بلاستيك.
ولجعل الملابس تبدو منشاة، وبراقة بألوانها، أو ناصعة البياض، فإنها غالبا ما ترش بمواد كيماوية، وهذه المواد تسبب حساسية للجلد عادة، وخاصة للأطفال، وبالتالي، من المهم، كما حذر أكثر من طبيب أمراض جلدية، غسلها قبل استعمالها. وهذه الظاهرة اصبحت تشمل مؤخرا علامات تجارية عالمية، وليست مقتصرة على المصنوعات الصينية، فنحن نعيش في عالم مجنون يبحث عن تحقيق الربح بأقصر الطرق ولو أدى ذلك للإضرار بالغير.
كما توجد في الأسواق أنواع من العسل، التي يدعي مروجوها أن في تناولها شفاء للكثير من الأمراض، وهذا صحيح في المدى القصير، حيث ان بعضها يحقن بمادة الكورتيزون التي تشفي من امراض معينة، ولكن أعراض الكورتيزون الجانبية خطيرة. والأمر ذاته ينطبق على الزعفران، الذي يصعب التفريق بين الجيد منه عن المغشوش، الذي يملأ السوق.
كما علينا الاهتمام بتغيير وسادة النوم قبل سنتين، كحد أعلى، وتغيير النعال كل 6 شهور، خاصة إن كانت تستخدم كل يوم. أما ليف الاستحمام والمناشف فهي بيئات مناسبة لتكوين البكتريا، حتى لو كانت تغسل باستمرار، ويجب استبدالها كل 6 شهور أو سنة، كحد أعلى. ويفضل تبديل فرش الأسنان كل شهرين أو ثلاثة. وعلينا تغيير فرش الشعر باستمرار، وألا نستخدم العطور بعد سنتين من فتحها! أما أحذية الجري فيجب ألا يتجاوز عمرها العام.. وهكذا مع المواد الأخرى التي يجب ألا ننخدع بمظهرها الخارجي، فقد تكون ملوثة ومنتهية الصلاحية، ونتمنى لهيئة مراقبة الأغذية، الجديدة، أن يكون لها دور في مراقبة ما نضعه في بطوننا.
***
صدر مرسوم بإنهاء عمل لجنة أسلمة القوانين بعد ان قضت ربع قرن من دون ان تعمل شيئا، وكلفت الدولة عشرات ملايين الدنانير.
الارشيف

Back to Top