ناقوس وراء ناقوس وتجاهل وراء آخر
سنستمر في دق نواقيس الخطر من كل هذا الهدر الذي يحدث وهذا المصير الأسود المتوقع لمصدر دخلنا الوحيد، الذي أصبح لا يساوي أكثر من نصف قيمته لما كان قبل بضع سنوات، وسنستمر إلى أن يستجيب رئيس الحكومة أو يستجيب القدر، أيهما قبل، لمطالباتنا وتحذيراتنا من مستقبل يصعب التنبؤ به.
أعلنت غالبية الدول الأوروبية المصنعة للسيارات عن عزمها وقف إنتاج أي مركبات تسير بوقود البترول مع السنوات العشر أو العشرين المقبلة، كحد أقصى، وهذه فترة ليست بالبعيدة في أعمار الشعوب، وستأتي بأسرع مما نتصور.
كما أعلنت اليابان والهند والصين عن خطط مماثلة بنفس الاتجاه، وستلحق بها أميركا وأيضا بوتيرة أسرع من المتوقع، فهي المستهلك الأكبر لوقود السيارات في العالم.
والغريب ملاحظة أن «جميع» كبار مصنعي السيارات في العالم، من ديترويت وحتى يوكوهاما وسيئول إلى شتوتغارت، اصبحوا يتسابقون في تحويل مصانعهم لإنتاج السيارة الكهربائية، والسبب في وضع الصين، التي أصبحت مؤخرا أكبر داعم لإنتاج أو شراء السيارات الكهربائية، فتأخر هذه الدول في التحول لهذا النوع من المركبات يعني احتمال خسارتها لحصتها من أكبر سوق عالمية للسيارات. كما أعلنت الصين أن %20 من جميع السيارات الجديدة بعد عام 2025، أي بعد أقل من 8 سنوات، يجب أن تكون كهربائية، وهذا يعني بلغة الدولار مئات مليارات الدولارات من مشتريات البترول من دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط. كما قامت الصين بتقييد مصانع السيارات الغربية والآسيوية من بيع سياراتها العادية في الصين إن لم تكن نسبة كبيرة منها تسير بالكهرباء.
إن قرار الصين، القوة الاقتصادية الثانية في العالم، والتي ستصبح الأولى في السنوات المقبلة، أمر يجب عدم الاستهانة به، فقد سبق أن نجحت الصين في إعادة تشكيل صناعات عالمية ضخمة كالغزل والنسيج والحديد، وحتى أربطة الأحذية. كما قامت مؤخرا بالاعتماد أكثر على مصادر الطاقة الخضراء، كالسولار والرياح. إن نجاح الصين في هذه المجالات سيكون كارثيا على منتجي النفط الذين لا مصادر دخل أخرى لديهم. ومن المتوقع أن تبلغ مشتريات الصين من السيارات الكهربائية هذا العام 300 ألف سيارة، وهذا يعادل ثلاثة أضعاف مثيلاتها في أميركا، وأكثر من بقية العالم، مجتمعة، علما بأن الصين تشتري حاليا سيارات من صنع جنرال موتورز أكثر مما تشتريه أميركا نفسها من شركتها. كما أنها ثاني أكبر مشتر لسيارات تسلا الكهربائية، الأكثر فخامة بين فئتها، والتي تفكر جديا في فتح مصنع في الصين، وهذا ما ستقوم به فورد وفولكسفاغن.
إنني كأب وجد ورجل أعمال ومواطن وكاتب أطالب حكومة وطني بأن تكون أكثر وعيا في ما يتعلق بمستقبل الكويت. فالصرف الباذخ وغير المبرر، وما أكثره، يجب أن يوضع له حد. والعملة الوطنية يجب ألا تبقى على قوتها الحالية، والاعتماد المنفرد على النفط يجب أن يتغير واستثمارات الكويت يجب أن تستخدم بطريقة افضل، مع ضرورة تشغيلها في مشاريع عملاقة مثمرة، داخل الكويت وخارجها، بدلا من الاستمرار في تركها كودائع وأسهم بنوك وشركات متنوعة.
سنستمر في التحذير، ليس من منطلق إبراء الذمة فقط، بل وأيضا من أجل أن يفتح الغيورون على مصلحة هذا الوطن الصغير أعينهم على ما ينتظرنا من مصير أسود إن استمررنا في التصرف بكل هذه اللامبالاة.
الارشيف

Back to Top