مسك.. وعاصمة الخلافة

في يوم قريب جدا سنقوم من النوم لنجد أن ثمن ليتر النفط قد أصبح لا يزيد على عُشر ثمن ليتر الماء، وسترحب كل دول العالم بالخبر، ولكنه سيشكل كارثة لدول متخلفة لا تعرف مصدرا لوجودها غير النفط، ومع هذا لا تزال سادرة في غيها، منشغلة بزيادة رواتب موظفيها، ومستعجلة على تقاعدهم، مصرة على إنشاء غير الضروري من المجالس والهيئات، وعاجزة تماما عن لجم غير المهم من المصروفات.
كتبت قبل أيام عما يجب أن تمثله شركة مثل «تيسلا» الكهربائية من هاجس للدول النفطية، وكيف أن إنتاجها يجب أن يعني شيئا ما لأعضاء مجلسي الأمة والوزراء، إلا أن المقال لم يلفت نظر أي مسؤول، وزادوا على ذلك باستعراض مقتنياتهم من سيارات تلك الشركة أمام مجلس الأمة.
إن اعتماد العالم على النفط الأحفوري fossil fuel في تناقص مستمر، خصوصاً في الدول المتقدمة، الأكثر استهلاكاً للوقود، التي اتجهت لمصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.
ومنذ كتابة مقالي عن سيارات تيسلا، تلقيت سيلا من رسائل الاستخفاف بما كتبت، واستشهد بعضهم بعدم جدية الشركة بعد أن باعت تويوتا حصتها فيها، ولكن منذ يومها وأسعار سهم الشركة في تصاعد، حيث بلغ 375 دولاراً، بعد أن كان 339 دولاراً، وهذا دلالة على ثقة المستثمرين بالشركة، وعلى «عدم اكتراثنا» بما ينتظرنا!
يعتبر ايلون مسك musk، الذي أصبح رئيسا لـ «تيسلا» في مرحلة تالية وساهم في تطور منتجاتها من السيارات الكهربائية، وألواح السولار، وبطاريات الليثيوم أيون، ذات الخاصية العالية في تخزين الطاقة، واحدا من عباقرة الغرب اليوم، ويشكل أمثاله خطرا على الدول المتخلفة، بما يمتلكون من أموال وقدرات علمية وفنية، تتجاوز احتياطيات دول كثيرة.
ولد مسك عام 1971 في جنوب أفريقيا، وهاجر إلى كندا وحصل على جنسيتها في سن الـ17 وتخرج في أفضل جامعاتها، وهاجر عام 1995 إلى كاليفورنيا، والتحق بجامعة ستانفورد لنيل الدكتوراه في ميداني الفيزياء التطبيقية وعلوم المواد، ولكنه ترك الدراسة بعد سنتين لتحقيق طموحاته في عالم الإنترنت والطاقة المتجددة. وفي عام 2001 أصبح أميركيا، وأسس بعدها «سبيس إكس»، ونجح في الحصول على عقود بمليارات الدولارات من وكالة الفضاء ناسا. وفي عام 2012 دخلت شركته التاريخ بنجاحها في إرسال صاروخ للمحطة الفضائية الدولية والالتحام معها، والعودة للأرض، وليصبح تاليا المنتج الأكبر والأفضل في العالم، في القطاع الخاص، في إنتاج محركات الصواريخ.
يعتقد هذا العبقري أن تطور الإنسان والحياة على الأرض قد استغرق مليارات السنين، ولكن أحداث السنوات الستين الماضية جعلته يشعر بأننا سننهي الحياة على كوكبنا الأزرق قريبا، ومن الضروري بالتالي البحث عن مأوى آخر للبشر، الأوادم.
تأثر مسك في حياته بكاتب مسلسلات الخيال العلمي isaac asimov الذي كان يعتقد أن اكتشاف الفضاء الخارجي ضروري لحفظ النوع والضمير البشري، ودفعت رواياته الخيالية مسك للتفكير والعمل على ارتياد الكواكب الأخرى، تخوفا من المخاطر على الأرض.
تقدر ثروة مسك اليوم بأكثر من 15 مليار دولار، ويحلم بتغيير العالم من حوله، وسيفعل ذلك حتما، علما بأنه يجهل أين تقع كابول أو ما هي حدود عاصمة أبوبكر البغدادي.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top