فشل الدعم

«دعم»، باللهجة الكويتية تعني تصادم! فـ «دعم محمد بسيارته» تعني أنه صدم سيارة أخرى أو حائطا، مثلا. أما «دعم العمالة» فهو تعبير يطلق على المبلغ المجزي الذي يحصل عليه كل من يختار العمل في القطاع الخاص، بدلا من القطاع الحكومي، تعويضا عن تدني رواتب الشركات، وطبيعة عملها الشاق، نسبيا، وتشددها في مواضيع الحضور والانصراف، وقصر فترات الإجازات السنوية وغير ذلك! وعلى الرغم من أن العلاوة مجزية، والتي تصل لـ 600 دينار، إلا أن الإقبال على العمل في القطاع الخاص أصبح مؤخراً دون المستوى المطلوب، على الرغم من أنه كان جيداً في البداية، ودفعت الكثيرين للاتجاه للعمل في القطاع الخاص، وترك الحكومي، ولكن الوضع أصيب بنكسة قوية بعد القرار السيئ والكارثي الأثر الذي أصدره وزير النفط السابق محمد البصيري، ممثل الإخوان في الحكومة حينها، والذي رفع فيه رواتب فئة من العاملين في القطاع النفطي لمستويات خيالية، والذي اقتدت به جهات حكومية أخرى، مما خلق موجة نزوح مضادة من القطاع الخاص وإلى القطاع الحكومي، وكل ذلك نتيجة ذلك القرار السيئ والسكوت الحكومي عنه وعمن اتخذه، والذي أدى لوجود أكثر من كادر رواتب، ولا تزال الحكومة عاجزة عن إيجاد حل لمشكلة التفاوت الكبير بين رواتب قطاعات معينة بغيرها، وهذا ما أدخل ديوان الخدمة المدنية ودعم العمالة، والكادر الوظيفي برمته في متاهة لا أحد يعرف كيف يخرج منها!
لا شك أن فكرة دفع الشباب للعمل في القطاع الخاص جيدة، ولكن عجز الحكومة المستمر عن تغيير النظرة السلبية للعمل اليدوي، ولفكرة العمل في أنشطة القطاع الخاص، ما عدا العمل في البنوك، ربما، فرغ فكرة الدعم من محتواها ومضمونها، بحيث أصبح الكثيرون يفضلون البقاء في البيت دون عمل على العمل في القطاع الخاص والحصول على الراتب وعلاوة الدعم المجزية.
وورد في «الجريدة»، على لسان أمين عام برنامج إعادة الهيكلة، أن إجمالي فرص العمل المتوافرة في قطاع الجمعيات التعاونية يقارب الألفي وظيفة، ولكن عدد المتقدمين لها من المواطنين لم يزد على %5 فقط، وهذه كارثة اخلاقية قبل ان تكون مشكلة إدارية، وانا اعني ما اقول، فخلال العشرين سنة الماضية أرسل برنامج دعم العمالة، أو إعادة هيكلة القوى العاملة عشرات آلاف العاطلين عن العمل لمقابلة مسؤولي الشركات في القطاع الخاص، ولكن نسبة مخيفة منهم رفضت ما قدم لها من عروض سخية، مفضلة البقاء في بيوتها، والسبب في الغالب يعود للدلع، ولنظرة المجتمع السلبية لمن يعمل في شركة تبيع الأثاث أو الدجاج مثلا؟
لقد اتضح جليا أن المسألة، حتى الآن، ليست مادية، وهذا يعني أن اية زيادة في مبالغ الدعم لن يكون لها ذلك الأثر المطلوب، بل يتطلب الأمر اتباع سياسات جديدة، لا يتسع المجال لها هنا.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top