المطيري الجميل

يوم الخميس الماضي، وأنا في طريقي إلى البيت، وكانت الساعة تشير إلى ما بعد الثالثة ظهراً بقليل، ومؤشر الحرارة يبين تجاوزها درجة 43 مئوية، لمحت سيارة شرطة مرور، بأضوائها المعروفة، تقف خلف سيارة نقل صغيرة، في طريق فرعي مؤقت مواز للدائري الخامس.
لعدم تيقني مما رأته عيناي من منظر غير مألوف، وبسبب تجاوزي لهما، وصعوبة العودة إليهما، قررت القيام بدورة حول نصف منطقة الجابرية، لأعود إلى تلك النقطة، مما يعني تأجيل موعد الغداء لنصف ساعة على الأقل، فالأمر ربما يستحق ذلك.
أكملت الدورة ورجعت إلى مكان وقوف سيارة الشرطة، وأوقفت سيارتي، فوجدت منظراً لم أعتد عليه، ولكن مجرد رؤيته جعلتني أشعر بالسرور. فسائق المركبة المعطّلة، والتي تبين أنها سيارة إسعاف ثقيلة، لا يعرف العربية، بل يتحدث الإنكليزية، وإن بصعوبة. وتبين أيضاً أن أحد إطاري مركبته، الخلفية، قد تلف تماماً، وخرجت الأسلاك الحديدية منه، بسبب سوء الصيانة. ووجدت أن الشرطي، بلباسه الرسمي، قد ترك سيارته ومكيفها، ونزل ليساعد ذلك السائق المسكين.
أعرف من واقع تجربتي، ولدواع أمنية، وغيرها، أن تعليمات المرور تتطلب من دورياتها عدم ترك أي مركبة على الطرق السريعة من دون مساعدة صاحبها على نقلها من مكانها، أو الوقوف خلفها لحين قدوم «ونش» المرور لقطرها إلى مكان آخر أكثر أماناً وأقل عرقلة لحركة السير. وهذا يعني غالباً اكتفاء العسكري بالجلوس في مركبته، والاستمتاع بهواء مكيفها والانشغال بقراءة رسائل الواتس أب، لحين قدوم «الونش».
ولكن ما رأيته كان مختلفاً، حيث وجدت الشرطي، في درجة الحرارة العالية تلك، قد ترك سيارته، وقام بمساعدة سائق سيارة إسعاف بسيط ووافد لا يعرف العربية، في تغيير إطار مركبته التالف.
طلبت من الشرطي أن يسمح لي بتصويره، فما يقوم به يتجاوز أي كلام، ويمثل قمة الإنسانية، وتصرف حضاري يستحق الرجل عليه الشكر والتقدير.
هذا دور ماجد المطيري الحضاري، في واحة أصبحت فيها مثل هذه التصرفات نادرة، بعد أن أقنعنا الجهلة بأننا أفضل من غيرنا.
أتمنى على أحد كبار مسؤولي وزارة الداخلية، ويا حبذا لو كان وزير الداخلية شخصياً، استدعاء الشرطي ماجد المطيري، وشكره على تصرفه الجميل، ونشره ذلك، لكي يكون قدوة لنا جميعاً. وأنا بدوري على استعداد للمشاركة في تكريمه من خلال تقديم هدية له لا يقل ثمنها عن خمسمئة دينار، والباب مفتوح لمن يريد من القراء، المشاركة في تكريم هذا الرجل الجميل.

الشرطي ماجد المطيري

.. وهو يسعف الإسعاف

الارشيف

Back to Top